ثم قال جاز كما لو ترك الإمام خراج الأرض لمن له حق في بيت المال بحصته . ا هـ . فقير سكن دارا موقوفة على الفقراء بأجر وترك المتولي ما عليه من الأجر بحصته من الوقف على الفقراء
وذكر فيها ثلاث مسائل في غصب الوقف مناسبة لتصرف المتولي الأولى لو فإن لم يكن مالا متقوما بأن كرب الأرض أو حفر النهر أو ألقى في ذلك السرقين واختلط ذلك بالتراب استردها بغير شيء وإن كانت مالا متقوما كالبناء والغرس أمر الغاصب برفعه إن لم يضر بالأرض وإن أضر بأن خربها لم يكن له الرفع ويضمن القيم له من غلة الوقف قيمة الغراس مقلوعا وقيمة البناء مرفوعا وإن لم يكن للوقف غلة أجر الوقف وأعطى الضمان من الأجرة وإن اختار الغاصب قلع الأشجار من أقصى موضع لا تخرب الأرض فله ذلك ولا يجبر على أخذ القيمة ثم يضمن القيم ما بقي في الأرض من الشجر إن كانت له قيمة الثانية لو غصب الوقف واسترده القيم وكان الغاصب زاد فيه كان للمتولي أخذ القيمة أو الصلح على شيء ثم يشتري بالمأخوذ من الغاصب أرضا أخرى فيجعله وقفا على شرائط الأولى لأنه حينئذ صار بمنزلة المستهلك فيجوز أخذ القيمة الثالثة استولى على الوقف غاصب وعجز المتولي عن استرداده وأراد الغاصب أن يدفع قيمتها فإن المتولي يتبع الغاصب الثاني إن كان مليا على قول من يرى جعل العقار مضمونا بالغصب لأن تضمين الثاني أنفع للوقف [ ص: 262 ] وإن كان الأول أملأ من الثاني يتبع الأول لأن تضمين الأول يكون أنفع للوقف وإذا اتبع القيم أحدهما برئ الآخر عن الضمان كالمالك إذا اختار تضمين الغاصب الأول أو الثاني برئ الآخر . ا هـ . رجل غصب أرضا موقوفة قيمتها ألف ثم غصب من الغاصب رجل آخر بعدما زادت قيمة الأرض وصارت تساوي ألفي درهم
ومنها والأكار غني لا يجوز الحط من مال الوقف وإن كان الأكار فقيرا جاز ذلك . ا هـ . أكار تناول من مال الوقف فصالحه المتولي على شيء
وهو محمول على ما إذا كان الوقف على الفقراء كما قيده به فيما إذا سكن الفقير دار الوقف وسامحه المتولي بالأجر وأما إذا كان على أرباب معلومين ومستحقين مخصوصين لا تجوز المسامحة والحط بالصلح مطلقا وعلى هذا لا تجوز إذا كان الوقف على معينين وإن كان وقف الفقراء جاز وفي الإسعاف ولو الإجارة بأقل من أجر المثل بغبن فاحش من فقير يضمن ما نقد من مال الوقف لوقوع الشراء له حائط بين دارين إحداهما وقف والأخرى ملك فانهدم وبناه صاحب الملك في حد دار الوقف قال اشترى بغلته ثوبا ودفعه إلى المساكين أبو القاسم يرفع القيم الأمر إلى القاضي ليجبره على نقضه ثم يبنيه حيث كان في القديم ولو قال قال القيم للباني أنا أعطيك قيمة البناء وأقره حيث بنيت وابن أنت لنفسك حائطا آخر في حدك أبو القاسم ليس للقيم ذلك بل يأمره بنقضه وبنائه حيث كان في القديم . ا هـ .
ولو لا يكون ضامنا هكذا قالوا وقيده أخذ متولي الوقف من غلته شيئا ثم مات بلا بيان الطرسوسي في أنفع الوسائل بحثا بما إذا لم يطالب المستحق أما إذا طالبه المستحق ولم يدفع له ثم مات بلا بيان فإنه يكون ضامنا . ا هـ .
ومقتضاه أنه لو ادعى في حياته الهلاك لا يقبل قوله لأنه صار ضامنا بمنع المستحق بعد الطلب وفي القنية وينبغي للقاضي أن يحاسب أمناءه فيما في أيديهم من أموال اليتامى ليعرف الخائن فيستبدله وكذا القوام على الأوقاف ويقبل قولهم في مقدار ما حصل في أيديهم من مقدار الغلات الوصي والقيم فيه سواء والأصل فيه أن القول قول القابض في مقدار المقبوض وفيما يخبر من الإنفاق على اليتيم أو على الضيعة ومؤنات الأراضي وفي أدب القاضي للخصاف لأن الوصي من فوض إليه الحفظ والتصرف والقيم من فوض إليه الحفظ دون التصرف وكثير من مشايخنا سووا بين الوصي والقيم فيما لا بد فيه من الإنفاق وقالوا يقبل قولهما فيه وقاسوه على قيم المسجد أو واحد من أهل المحلة إذا اشترى للمسجد ما لا بد منه كالحصير والحشيش والدهن وأجر الخادم ونحوه لا يضمن للأذن دلالة ولا يتعطل المسجد كذا هذا وبه يفتى في زماننا قال رضي الله عنه و الصحيح والصواب في عرفنا ويقبل قول الوصي في المحتمل دون القيم بخوارزم هذا أنه لا فرق بينهما ( ط ) وإن اتهمه القاضي يحلفه وإن كان أمينا كالمودع يدعي هلاك الوديعة أو ردها قيل إنما يستحلف إذا ادعى عليه شيئا معلوما وقيل يحلف على كل حال وإن أخبروا أنهم أنفقوا على اليتيم والضيعة من إنزال الأرض كذا وبقي في أيدينا كذا فإن عرف بالأمانة يقبل القاضي الإجمال ولا يجبره على التفسير شيئا فشيئا وإن كان متهما يجبره القاضي على التفسير شيئا فشيئا ولا يحبسه ولكن يحضره يومين أو ثلاثة أو يخوفه ويهدده إن لم يفسره فإن فعل وإلا يكتفي منه باليمين ولو لا يقبل [ ص: 263 ] منه إلا ببينة وفي وقف عزل القاضي ونصب غيره فقال الوصي للمنصوب حاسبني المعزول الناصحي إذا فالقول له مع يمينه . ا هـ . أجر الواقف أو قيمه أو وصيه أو أمينه ثم قال قبضت الغلة فضاعت أو فرقته على الموقوف عليهم وأنكروا
ما في القنية فقد علمت أن إنما هي ليعرف القاضي الخائن من الأمين لا لأخذ شيء من النظار للقاضي وأتباعه والواقع مشروعية المحاسبات للنظار بالقاهرة في زماننا الثاني وقد شاهدنا فيها من الفساد للأوقاف كثيرا بحيث يقدم كلفة المحاسبة على العمارة والمستحقين وكل ذلك من علامات الساعة المصدقة لقوله عليه الصلاة والسلام كما رواه في أول كتاب العلم { البخاري } فإن قلت : إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة قلت : قال في البزازية من كتاب القضاء وإن كتب القاضي سجلا أو تولى قسمة وأخذ أجرة المثل له ذلك ولو تولى نكاح صغيرة لا يحل له أخذ شيء لأنه واجب عليه وكلما وجب عليه لا يجوز أخذ الأجر عليه وما لا يجب عليه يجوز أخذ الأجر وذكر عن هل يباح للقاضي أخذ الأجر على المحاسبات من مال الأوقاف البقالي في أنه لا يحل له إن لم يكن لها ولي فلو كان ولي غيره يحل بناء على ما ذكروا ولو باع مال اليتيم لا يأخذ شيئا ولو أخذ وأذن في البيع لا ينفذ بيعه . ا هـ . القاضي يقول إذا عقدت عقد البكر فلي دينار وإن ثيبا فلي نصفه
فقد استفيد منه أنه يجوز له الأخذ على نفس الكتابة ولا يجوز له الأخذ على نفس المحاسبات لأن الحساب واجب عليه فهو كما لو تولى نكاح يتيمة أو بيع مال اليتيم وقدمنا عن البزازية أن لا يجوز له أن يدفع أجرته من مال الوقف وفي القنية ولو المتولي لو استأجر كاتبا للحساب لا يصح . ا هـ . أبرأ صاحب الحق القيم عن نصيبه بعدما استهلكه
قال في الخانية وقف له متول ومشرف ليس للمشرف أن يتصرف في مال الواقف لأن ذاك مفوض إلى المتولي والمشرف مأمور بالحفظ لا غير ا هـ .
وهذا يختلف بحسب العرف في معنى المشرف كذا في فتح القدير وأما بيان ما عليه من العمل فحاصل ما ذكره الخصاف أن ليس له حد معين وإنما هو على ما تعارفه الناس من الجعل عند عقدة الواقف ليقوم بمصالحه من عمارة واستغلال وبيع غلات وصرف ما اجتمع عنده فيما شرطه الواقف ولا يكلف من العمل بنفسه إلا مثل ما يفعله أمثاله ولا ينبغي له أن يقصر عنه وأما ما تفعله الأجراء والوكلاء فليس ذلك بواجب عليه حتى لو جعل الولاية إلى امرأة وجعل لها أجرا معلوما لا تكلف إلا مثل ما يفعله النساء عرفا ولو نازع أهل الوقف القيم وقالوا للحاكم إن الواقف إنما جعل له هذا في مقابلة العمل وهو لا يعمل شيئا لا يكلفه الحاكم من العمل ما لا تفعله الولاة فإن قلت : إذا ما يجعله الواقف للمتولي قلت : الأمر والنهي والتدبير والعقود وقبض المال وظيفة الناظر وجمع المال من المستأجرين هلاليا وخراجيا وظيفة الجابي ونقد المال ووزنه وظيفة الصيرفي فإن قلت : شرط الواقف ناظرا وجابيا وصيرفيا فما عمل كل منهم قلت : لا إلا بتوكيل الناظر وهذه الوظائف إنما يبتني حكمها على العرف فيها كما ذكره في فتح القدير في المشرف وأما بيان ما له فإن كان من الواقف فله المشروط ولو كان أكثر من أجرة المثل وإن كان منصوب القاضي فله أجر مثله واختلفوا هل يستحقه بلا تعيين القاضي فنقل في القنية أولا أن هل للجابي الدعوى على المستأجر [ ص: 264 ] وهل له إجارة المسقف فلا شيء له وثانيا أن القيم يستحق أجر مثل سعيه سواء شرط له القاضي أو أهل المحلة أجرا أو لا لأنه لا يقبل القوامة ظاهرا إلا بأجر والمعهود كالمشروط قال وقالوا إذا القاضي لو نصب قيما مطلقا ولم يعين له أجرا فسعى فيه سنة لا يستحق الأجر لأنه لا يستحق له أجر القوامة وأجر العمل فهذا يدل على أنه يستحق بالقوامة أجرا ا هـ . عمل القيم في عمارة المسجد والوقف كعمل الأجير
وإذا لا يستحق شيئا لما في الخانية ولو لم يعمل الناظر لا يستحق القيم عشر غلتها لأن ما يأخذه بطريق الأجرة ولا أجرة بدون العمل . ا هـ . وقف أرضه على مواليه مثلا ثم مات فجعل القاضي للوقف قيما وجعل له عشر الغلة في الوقف وللوقف طاحونة في يد رجل بالمقاطعة لا يحتاج فيها إلى القيم وأصحاب الوقف يقبضون غلتها منه
وفي فتح القدير بعد نقله فهذا عندنا فيمن لم يشترط له الواقف أما إذا شرط كان من جملة الموقوف عليهم ا هـ .
والظاهر أنه عائد إلى قطع المعلوم في زمن التعمير وأما عدم الاستحقاق عند عدم العمل فلا فرق فيه بين ناظر وناظر وقد تمسك بعض من لا خبرة له بقول قاضي خان وجعل له عشر الغلة في الوقف على أن للقاضي أن يجعل للمتولي عشر الغلات مع قطع النظر عن أجرة المثل وهو غلط قال في القنية لا يقبل إلا ببينة ثم إن كان ما عينه أجر مثل عمله أو دونه يعطيه الثاني وإلا يحط الزيادة ويعطيه الباقي . ا هـ . عزل القاضي فادعى القيم أنه قد أجرى له كذا مشاهرة أو مسانهة وصدقه المعزول فيه
فقد أفاد أن القاضي الثاني يحط ما زاد على أجر المثل فأفاد عدم صحة تقرير القاضي للناظر معلوما أكثر من أجر المثل فإن قلت : إذا كان الوقف هلاليا وقد أحال الناظر المستحقين على الحوانيت والبيوت وهم يأخذون من السكان هل يستحق الناظر معلوما قلت : لا يستحق معلوما لأجل الهلالي لعدم عمله فيه إلا لأجل التعمير كما قدمناه عن قاضي خان في مسألة الطاحونة وللقيم التوكيل وعزل وكيله وله أن يجعل للوكيل من معلومه شيئا وله قطعه عنه .
ولو يكون لوصيه ما سمي له فقط ويرجع الباقي إلى أصل الغلة ولو شرط المعلوم ولم يشرط له أن يجعل لغيره ليس له أن يوصي به ولا بشيء منه لأحد ويجوز له أن يوصي بأمر الوقف وينقطع المعلوم عنه بموته ولو شرط [ ص: 265 ] الواقف للقيم تفويض أمره بعد مماته مثل ما شرطه له في حياته فجعل القيم بعض معلومه لرجل أقامه قيما و سكت عن الباقي ثم مات يبطل توكيله ووصايته وما جعل للوصي أو الوكيل من المال ويرجع إلى غلة الوقف إلا أن يكون الواقف عينه لجهة أخرى عند انقطاعه عن القيم فينفذ فيها حينئذ وكل هذا القيم وكيلا في الوقف أو أوصى به إلى رجل وجعل له كل المعلوم أو بعضه ثم جن جنونا مطبقا بما يبقى حولا لسقوط الفرائض كلها عنه ولو عاد عقله عادت الولاية إليه لأنها زالت بعارض فإذا زال عاد إلى ما كان عليه كذا في الإسعاف . وقدر الجنون المطبق