الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( ولا يضم أجرة الراعي ، والتعليم وكراء بيت الحفظ ) لعدم العرف بإلحاقه أطلق في التعليم فشمل تعليم العبد صناعة أو قرآنا أو علما أو شعرا أو غناء [ ص: 120 ] أو عربية قالوا لأن ثبوت الزيادة لمعنى في العبد ، وهو حذاقته فلم يكن ما أنفقه على المعلم موجبا للزيادة في المالية ، ولا يخفى ما فيه إذ لا شك في حصول الزيادة بالتعلم ، ولا شك أنه مسبب عن التعليم عادة ، وكونه بمساعدة القابلية في المتعلم هو كقابلية الثوب للصبغ فلا يمنع نسبته إلى التعليم فهو شرط علة عادية ، والقابلية شرط ، وفي المبسوط أضاف نفي ضم المنفق في التعليم إلى أنه ليس فيه عرف ظاهر حتى لو كان فيه عرف ظاهر يلحق برأس المال كذا في فتح القدير .

                                                                                        وأشار المؤلف إلى أنه لا يضم أجرة الطبيب ، والرائض ، والبيطار ، والفداء في الجناية ، وجعل الآبق لندرته فلا يلحق بالسابق لأنه لا عرف في النادر والحجامة والختان لعدم العرف ، وكذا لا يضم نفقة نفسه وكراؤه ، ولا مهر العبد ، ولا يحط مهر الأمة لزوجها ، والذي يؤخذ في الطريق من الظلم لا يضم إلا في موضع جرت العادة فيه بينهم بالضم قوله ( فإن خان في مرابحة أخذ بكل ثمنه أو رده ، وحط في التولية ) ، وهذا عند أبي حنيفة .

                                                                                        وقال أبو يوسف يحط فيهما ، وقال محمد يخير فيهما لمحمد إن الاعتبار للتسمية لكونه معلوما ، والتولية والمرابحة ترويج وترغيب فتكون وصفا مرغوبا فيه كوصف السلامة فيتخير لفواته ولأبي يوسف إن الأصل فيه كونه تولية ومرابحة ، ولهذا ينعقد بقوله وليتك بالثمن الأول أو بعتك مرابحة على الثمن الأول إذا كان معلوما فلا بد من البناء على الأول ، وذلك بالحط غير أنه يحط في التولية قدر الخيانة من رأس المال ، وفي المرابحة منه ، ومن الربح ولأبي حنيفة أنه لو لم يحط في التولية لا تبقى تولية لأنه يزيد على الثمن الأول فتغير التصرف فتعين الحط ، وفي المرابحة لو لم يحط تبقى مرابحة ، وإن كان يتفاوت الربح فلا يتغير التصرف فأمكن القول بالتخيير ، ولم يذكر المصنف والشارح بما تظهر الخيانة قال في فتح القدير هي إما بإقرار البائع أو بالبينة أو بنكوله عن اليمين ، وقد ادعاه المشتري هذا على المختار ، وقيل لا تثبت إلا بإقراره لأنه في دعوى الخيانة مناقض فلا يتصور ببينة ولا نكول ، والحق سماعها كدعوى العيب ، وكدعوى الحط فإنها تسمع ا هـ .

                                                                                        وقوله ، وحط أي أسقط قدر الخيانة من المسمى ، وفي السراج الوهاج ، وصورة الخيانة في التولية إذا اشترى ثوبا بتسعة ، وقبضه ثم قال لآخر اشتريته بعشرة ، ووليتك بما اشتريته فاطلع على ذلك ، وبيان الحط في المرابحة على قول أبي يوسف إذا اشتراه بعشرة ، وباعه بربح خمسة ثم ظهر أنه اشتراه بثمانية فإنه يحط قدر الخيانة من الأصل ، وهو الخمس ، وهو درهمان ، وما قابله من الربح ، وهو درهم فيأخذ الثوب باثني عشر درهما . ا هـ .

                                                                                        وقدمنا أنه إذا اشترى متاعا ، ورقمه بأكثر من ثمنه ، وباعه مرابحة على الرقم فإنه يجوز ، وقيده في المحيط بما إذا كان عند البائع أن المشتري يعلم أن الرقم غير الثمن فأما إذا كان المشتري يعلم أن الرقم ، والثمن سواء فإنه يكون خيانة ، وله الخيار كذا في المحيط .

                                                                                        وأشار بعدم الحط في التولية إلى أن المشتري إذا وجد بالمبيع عيبا ثم حدث به عيب عنده لا يرجع بنقصان العيب لأنه لو رجع يصير الثمن الثاني أنقص من الأول ، وقضية التولية أن يكون مثل الأول ، وهذا مستثنى من قولهم في خيار العيب ، وبقوله رده إلى اشتراط قيام المبيع بحاله فلو هلك قبل رده أو حدث به ما يمنع الرد لزمه بجميع المسمى ، وسقط خياره عند أبي حنيفة ، وهو المشهور من قول محمد لأنه مجرد خيار فلا يقابله شيء من الثمن كخيار الرؤية والشرط بخلاف خيار العيب لأن المستحق فيه للمشتري الجزء الفائت ، وظاهر كلامهم أن خيار ظهور الخيانة لا يورث فإذا مات المشتري فاطلع الوارث على خيانة بالطريق السابق فلا خيار له ، وأطلق الحط في التولية فشمل حالة هلاك المبيع وامتناع رده لأنه لا خيار له ، وإنما يلزمه الثمن الأول ، وفي المحيط ، وإن ضم إلى الثمن ما لا يجوز ضمه ثم علم به المشتري فله الخيار ا هـ .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وأشار بعدم الحط في التولية ) كذا في بعض النسخ ، وفي بعضها ، وأشار بالحط ، وهو الصواب .




                                                                                        الخدمات العلمية