قوله ( والفلس بالفلسين بأعيانهما ) أي وصح بيع الفلس المعين بفلسين معينين وقال عندهما لا يجوز لأن الفلوس الرائجة أثمان ، وهو لا يتعين ، ولذا لا تتعين الفلوس إذا قوبلت بخلاف جنسها كالنقدين ، ولا يفسد البيع بهلاكها فإذا لم تتعين يؤدي إلى الربا أو يحتمله بأن يأخذ بائع الفلس الفلسين أولا [ ص: 143 ] فيرد أحدهما قضاء لدينه ، ويأخذ الآخر بلا عوض فصار كما لو كان بغير أعيانهما ، ولهما أنها ليست أثمانا خلقة ، وإنما كانت ثمنا بالاصطلاح ، وقد اصطلحا على إبطال الثمنية فتبطل ، وإن كانت ثمنا عند غيرهما لبقاء اصطلاحهم على ثمنيتها إذ لا ولاية للغير عليهما بخلاف النقدين لأن الثمنية فيهما بأصل الخلقة فلا تبطل بالاصطلاح فإذا بطلت الثمنية تعينت فلا يؤدي إلى الربا بخلاف ما إذا كانت غير معينة فإنه يؤدي إلى الربا على ما بيناه ، وأورد أن الثمنية إذا بطلت وجب أن لا يجوز التفاضل لأن النحاس موزون ، وإنما صار معدودا بالاصطلاح على الثمنية فإذا بطلت عاد إلى أصله . محمد
وأجيب بأن اصطلاحهما على العد لم يبطل ، ولا يلازمه فكم من معدود لا يكون ثمنا ، وأورد أيضا أن كونها ثمنا بعد الكساد لا يكون إلا باصطلاح الكل فكذا بطلان الثمنية ، وأجيب بأن اصطلاحهما على بطلان ثمنيتها موافق للأصل لكونها عروضا بخلاف اصطلاحهما على كونها ثمنا بعد الكساد مخالف للأصل ولرأي الجميع فلم يصح ، وقيد بالتعيين لأن الفلس لو كان بغير عينه ، والفلسان كذلك لم يجز ، وصورها أربع ما إذا كان الكل غير معين وإن تقابضا في المجلس كذا في المحيط ، وما إذا كان الفلس معينا فقط ، وما إذا كانا غير معينين فقط ففي هذه الثلاثة لا يجوز اتفاقا لكن في الصورتين الأخيرتين لو قبض ما كان دينا في المجلس جاز كذا في المحيط ، ومحل الخلاف مسألة الكتاب ، وأصل الخلاف مبني على أن الفلس لا يتعين بالتعيين عند ، ويتعين عندهما فيبطل العقد بهلاكه كذا في فتح القدير ، وفي المحيط أنها لا تتعين ولا ينفسخ العقد بهلاكها ، قيد بحل التفاضل لأن النساء حرام اتفاقا لأن الجنس بانفراده يحرمه كما قدمناه ، وفي الذخيرة ذكر محمد هذه المسألة في صرف الأصل ، ولم يشترط التقابض فهذا دليل على أنه ليس بشرط ، وذكر في الجامع الصغير ما يدل على أنه شرط . محمد
ومن مشايخنا من لم يصحح ما في الجامع الصغير لأن التقابض مع العينية إنما يشترط في الصرف ، وليس به ، ومنهم من صححه لأن لها حكم العروض من وجه ، وحكم الثمن من وجه فجاز التفاضل للأول ، واشتراط التقابض للثاني عملا بالدليلين بقدر الإمكان . ا هـ .
وليس مرادهم خصوص بيع الفلس بالفلسين بل بيان حل التفاضل حتى لو جاز باع فلسا بمائة على التعيين عندهما
( تتمة ) في في المحيط لو أحكام الفلوس جاز ، وإن افترقا لا عن قبض أحدهما جاز ، ولو باع الفلوس بالفلوس أو بالدراهم أو بالدنانير فنقد أحدهما دون الآخر لم يبطل البيع قياسا ، ويتخير المشتري إن شاء قبضها كاسدة ، وإن شاء فسخ البيع ، ويبطل البيع استحسانا لأن كسادها بمنزلة الهلاك لأن المقصود منها الرواج فهو لها كالحياة ، ولو قبض منها خمسين ثم كسدت بطل البيع في النصف ورد نصف درهم اعتبارا للبعض بالكل ، ولو رخصت لم يبطل ، ولا خيار للمشتري ، ولو كسدت الفلوس الثمن قبل قبضها بطل البيع عند اشترى مائة فلس بدرهم فقبض الدرهم ، ولم يقبض الفلوس حتى كسدت ، وعندهما لا يفسد ، ويجب قيمتها ، ولو كسدت أفلس القرض فعليه مثلها عنده ، وعندهما قيمتها من الدراهم ، وكذا لو غصب ، واستهلك ثم عند أبي حنيفة تعتبر القيمة يوم القبض ، وعند أبي يوسف يوم الكساد ، والأصح عند محمد أن عليه قيمتها يوم الانقطاع من الذهب ، والفضة ، ولو الإمام فسد البيع لأن الخيار يمنع صحة القبض ، ولو كان أحدهما بالخيار فالبيع جائز عندهما لأن الخيار لا يمنع ثبوت الملك له في المبيع فوجد القبض المستحق في أحدهما ، وعلى قول اشترى فلوسا ، وتقابضا على أن كل واحد منهما بالخيار ، وتفرقا على ذلك لا يجوز لأن الخيار يؤثر في الجانبين فيمنع صحة القبض ، وإن أبي حنيفة يجوز ا هـ . ما في المحيط من باب بيع الفلوس ، واستقراضها . باع فلسا بعينه بفلسين بأعيانهما بشرط الخيار
[ ص: 143 ]