الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قوله ( ولم يحل بينه وبين غرمائه ) أي لا يمنعهم من ملازمته عند الإمام وقالا بالمنع عنها لكونه منظرا بإنظار الله تعالى وهي أقوى من إنظار العبد بالتأجيل ، ومعه لا ملازمة وله أنه منظر إلى قدرته على الإيفاء وهو ممكن كل حين فيلازمونه كي لا يخفيه ، والدين حال بخلاف الأجل ; لأنه لا مطالبة له قبل مضيه ، ولو كان المديون قادرا فظهر الفرق ، وبطل القياس ولذا قال في أنفع الوسائل إن الصحيح قوله دائما هو الصحيح وفي المحيط أنه ظاهر الرواية وأحسن الأقاويل في الملازمة ما روي عن محمد أنه قال يلازمه في قيامه وقعوده ولا يمنعه من الدخول على أهله ولا من الغداء ولا من العشاء ولا من الوضوء والخلاء ، وله أن يلازمه بنفسه وإخوانه وولده ومن أحب ، والصحيح أن الرأي فيه إلى صاحب الدين إن شاء لازمه بنفسه وإن شاء بغيره ولا عبرة بالمديون في رأيه وفي المحيط قالوا لا يلازمه بالليالي ; لأن الليالي ليست بوقت الكسب فلا يتوهم وقوع المال في يده في الليالي فالملازمة لا تفيد حتى لو كان الرجل يكتسب في الليالي ، قالوا يلازمه في الليالي هكذا قال الفقيه أبو جعفر . ا هـ .

                                                                                        وفي البزازية لا يلازمه في موضع معين ; لأنه حبس ، ولا يمنعه من دخول بيته لغائط أو غداء إلا إذا أعطاه الدائن ، وأعد له مكانا للغائط وإن كان عمل المديون السقي ولا يمنعه اللزوم من ذلك لازمه إلا إذا أعطاه نفقته ونفقة عياله فله إذا منعه من السعي لو أبى المديون ملازمة الغريم ، وقال اجلس مع الدائن له ذلك وليس للدائن أن يجلسه في الشمس أو على الثلج أو في مكان يتضرر به ، ولو طلب المطلوب الحبس والطالب الملازمة لازمه وملازمة المرأة أن تلازمها امرأة فإن لم يوجد حبسها في بيت مع امرأة ، وجلس هو على الباب أو المرأة في بيت نفسها وهو على الباب ، وليس له غير ذلك وعن محمد المرأة يلازمها الرجال بالنهار في موضع لا يخاف عليها الفساد ولا يخلون بها وبالليل يلازمها النساء وفي الواقعات عليها حق له أن يلازمها ويجلس معها ويقبض على ثيابها ; لأن هذا ليس بحرام فإن هربت إلى خربة إذا كان يأمن على نفسه يدخل عليها ، ويكون بعيدا منها لحفظ نفسه ; لأن له ضرورة في هذه الخلوة كما قالوا فيمن هرب بمتاع إنسان ، ودخل داره له أن يدخل عقيبه ليأخذ حقه لو ادعى على آخر مالا ولم يجلس القاضي أياما لازم خصمه أياما وإن طال ا هـ .

                                                                                        وفي الهداية لو اختار المطلوب الحبس والطالب الملازمة فالخيار للطالب إلا إذا علم القاضي أن بالملازمة يدخل عليه ضرر بين بأن لا يمكنه من دخول داره فحينئذ يحبسه دفعا للضرر . ا هـ .

                                                                                        وفي البزازية ويجوز الجلوس في المسجد لغير الصلاة لملازمة الغريم قال القاضي المذهب عندنا أنه لا يلازمه في المسجد ; لأنه بني لذكر الله تعالى وبه يفتى وفيها أيضا إن كان في ملازمة الغريم ، ذهاب قوته كلف أن يقيم كفيلا بنفسه ، ثم يخلي سبيله وللطالب ملازمة الغريم بلا أمر القاضي إن كان مقرا بحقه .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية