الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : والمقتدي ينوي المتابعة أيضا ) لأنه يلزمه الفساد من جهة إمامه فلا بد من التزامه والأفضل أن ينوي الاقتداء عند افتتاح الإمام ، وقول الشارح الأفضل أن ينوي بعد تكبير الإمام فيه بحث ; لأنه يلزم منه أن يكون تكبير المقتدي بعد تكبير الإمام ; لأن التكبير إما مقارن بالنية أو متأخر عنه وسيأتي أن الأفضل أن يكبر القوم مع الإمام ذكره ملا خسرو في شرحه ، وقد يقال : إنه مبني على قولهما ولو نواه حين وقف الإمام موقف الإمامة جاز عند عامة المشايخ وقيل لا يجوز ; لأنه نوى الاقتداء بغير المصلي ، فإن نوى حين وقف عالما بأنه لم يشرع جاز وإن نواه على ظن أنه شرع فيه ولم يشرع بعد قال بعضهم لا يجوز ، كذا في الظهيرية مقتصرا عليه ، وأشار بقوله أيضا إلى أنه لا بد للمقتدي من ثلاث نيات : أصل الصلاة ونية التعيين ونية الاقتداء وأن نية الاقتداء لا تكفيه عن التعيين حتى لو نوى الاقتداء بالإمام أو الشروع في صلاة الإمام ولم يعين الصلاة فإنه لا يجوز وهو قول البعض والأصح الجواز كما نقله الشارح وغيره وينصرف إلى صلاة الإمام وإن لم يكن للمقتدي علم بها ; لأنه جعل نفسه تبعا لصلاة الإمام فلو أسقط قوله أيضا لكان أولى بخلاف ما إذا نوى صلاة الإمام ولم ينو الاقتداء حيث لا يجزئه ; لأنه تعيين لصلاة الإمام وليس باقتداء به ، ونظيره ما لو انتظر تكبير الإمام ، ثم كبر بعده فإنه لا يكفيه عن نية الاقتداء ; لأنه متردد قد يكون بحكم العادة ، وقد يكون لقصد الاقتداء فلا يصير مقتديا بالشك خلافا لما ذهب إليه بعض المشايخ من أنه يكفيه عن نية الاقتداء ورده في البدائع وغيره وأطلق في اشتراط نية المتابعة فشمل الجمعة

                                                                                        لكن في الذخيرة وفتاوى قاضي خان لو نوى الجمعة ولم ينو الاقتداء بالإمام فإنه يجوز ; لأن الجمعة لا تكون إلا مع الإمام وذكره في منية المصلي معزيا إلى البعض وأفاد أن تعيين الإمام ليس بشرط في صحة الاقتداء فلو نوى الاقتداء بالإمام وهو يظن أنه زيد فإذا هو عمرو يصح إلا إذا نوى الاقتداء بزيد فإذا هو عمرو فإنه لا يصح ; لأن العبرة لما نوى ولو كان يرى شخصه فنوى الاقتداء بهذا الإمام الذي هو زيد فإذا هو خلافه جاز ; لأنه عرفه بالإشارة فلغت التسمية ومثل ما ذكرنا في الخطأ في تعيين الميت فعند الكثرة ينوي الميت الذي يصلي عليه الإمام وفي عدة الفتاوى ولو قال اقتديت بهذا الشيخ وهو شاب صح ; لأن الشاب يدعى شيخا للتعظيم ولو قال اقتديت بهذا الشاب فإذا هو شيخ لم يصح . ا هـ .

                                                                                        وفي الظهيرية وينبغي [ ص: 299 ] للمقتدي أن لا يعين الإمام عند كثرة القوم ولا يعين الميت وقيد بالمقتدي ; لأن الإمام لا يشترط في صحة اقتداء الرجال به نية الإمامة ; لأنه منفرد في حق نفسه ، ألا ترى أنه لو حلف أن لا يؤم أحدا فصلى ونوى أن لا يؤم أحدا فصلى خلفه جماعة لم يحنث ; لأن شرط الحنث أن يقصد الإمامة ولم يوجد بخلاف ما لو حلف أن لا يؤم فلانا لرجل بعينه فصلى ونوى أن يؤم الناس فصلى ذلك الرجل مع الناس خلفه فإنه يحنث وإن لم يعلم به ; لأنه لما نوى الناس دخل فيه هذا الرجل ، وأما في حق النساء فإنه لا يصح اقتداؤهن إذا لم ينو إمامتهن ; لأن في تصحيحه بلا نية إلزاما عليه بفساد صلاته إذا حاذته من غير التزام منه وهو منتف وخالف في هذا العموم بعضهم فقالوا لا يصح اقتداء النساء وإن لم ينو الإمام إمامتهن في صلاة الجمعة والعيدين وصححه صاحب الخلاصة والجمهور على اشتراطها في حقهن لما ذكرناه ، وأما صلاة الجنازة فلا يشترط في صحة اقتدائها به فيها نية إمامتها بالإجماع ، كذا في الخلاصة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله : فإن نوى حين وقف إلخ ) أي حين وقف الإمام ثم الظاهر أن هذا تفصيل لقوله ولو نوى حين وقف الإمام والمراد به بيان أن الخلاف في صورة الظن فقط ، وفي الخانية ولو نوى الشروع في صلاة الإمام والإمام لم يشرع بعد وهو يعلم بذلك فيصير شارعا في صلاة الإمام إذا شرع الإمام ; لأنه ما قصد الشروع في صلاة الإمام للحال إنما قصد الشروع في صلاة الإمام إذا شرع الإمام ولو نوى الشروع على ظن أن الإمام قد شرع ولم يشرع بعد اختلفوا فيه قال بعضهم لا يجوز . ا هـ .

                                                                                        أي لأنه قصد الشروع في صلاة الإمام للحال بناء على ظنه أن الإمام شرع . ( قوله : لأن الجمعة لا تكون إلخ ) قلت : وكذلك العيد . ا هـ . شرنبلالي .

                                                                                        ( قوله : ولو كان يرى شخصه ) هذا غير قيد لقوله في شرح المنية للبرهان إبراهيم سواء كان يرى شخصه أو لا . ( قوله : ولو قال اقتديت بهذا الشاب فإذا هو شيخ لم يصح ) قال في الأشباه بعد نقله ذلك والإشارة هنا لا تكفي ; لأنها لم تكن إشارة إلى الإمام إنما هي إلى شاب أو شيخ فتأمل . ا هـ .

                                                                                        ومراده الجواب عما أورد أن في هذه الصورة اجتمعت الإشارة مع التسمية فكان ينبغي أن تلغو التسمية كما لغت في هذا الإمام الذي هو زيد فإذا هو بكر وفي هذا الشيخ فإذا هو شاب وفيه أنه لا دليل على عدم الكفاية ولئن سلم اقتضى التسوية بين مسألتي الشاب والشيخ في الحكم مع أنهما مختلفان ولعله إلى هذا أشار بقوله فتأمل وأجاب بعض الفضلاء بجواب آخر وهو أن تلك القاعدة فيما إذا كان المشار إليه مما يقبل التسمية بالاسم المقارن لاسم الإشارة ، أما في الحال كما في هذا الإمام الذي هو زيد فإذا هو بكر فإن الذي علمه بكر يمكن أن يجعل علمه زيد في الحال وكما في هذا [ ص: 299 ] الشيخ فإذا هو شاب عالم فإن الشاب يصير شيخا في المستقبل سواء كان عالما أو جاهلا . ( قوله : لم يحنث ) ليس على إطلاقه ففي الأشباه عن الخانية يحنث قضاء لا ديانة إلا إذا أشهد قبل الشروع فلا حنث قضاء




                                                                                        الخدمات العلمية