الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال رحمه الله ( وإن غصب خمرا من مسلم فخلله أو جلد ميتة ودبغ فللمالك أخذهما ورد ما زاد الدباغ فيه ) يعني يأخذ الخل بغير شيء والجلد المدبوغ يأخذه ويرد عليه ما زاد الدباغ فيه والمراد بالأول إذا خللها بالنقل من الشمس إلى الظل ومن الظل إلى الشمس وبالثاني [ ص: 141 ] إذا دبغه بما له قيمة كالعفص والقرظ ونحو ذلك والفرق أن التخليل مطهر لها بمنزلة غسل الثوب النجس فيبقى على ملك المغصوب منه ; لأن المالية لا تثبت بفعله وبالدباغ اتصل بالجلد مال متقوم كالصبغ في الثوب فلهذا يأخذ الخل بغير شيء ويأخذ الجلد ويعطي ما زاد الدباغ فيه وطريق معرفته أن ينظر إلى قيمة الجلد غير مدبوغ وإلى قيمته مدبوغا فيضمن ما فضل بينهما وللغاصب أن يحبسه حتى يستوفي حقه كحبس المبيع بالثمن والرهن بالدين والعبد الآبق بالجعل وأطلق في التخليل فشمل ما إذا خللها بما له قيمة أو لا لكن قال القدوري أما لو ألقى فيها ملحا أو خلل بما له قيمة فعند الإمام يصير الخل ملكا للغاصب ولا شيء عليه وعلى قولهما إن ألقى فيه الملح فللمالك أخذه ودفع ما زاد فيه قالوا ومعناه أن يعطيه مثل وزن الملح من الخل هكذا ذكروا وكأنهم اعتبروا الملح مائعا ، وإن ألقى فيه الخل فهو بينهما ، وإن استهلكه ضمن الخل ، وإن غصب عصيرا فصار عنده خلا فله أن يضمنه مثله إن كان في حينه وقيمته إن كان في غير حينه ولو أراد رب العصير أن يأخذ القيمة الصحيح أنه ليس له ذلك .

                                                                                        وعن الثاني لو غصب عصيرا فصار عنده خمرا أو لبنا حليبا فصار عنده مخيطا أو عنبا فصار زبيبا فالمغصوب منه بالخيار إن شاء أخذ ذلك ولا شيء له عليه ، وإن شاء ضمنه مثله وسلم إليه وأطلق في الدباغ فشمل ما إذا دبغه بما له قيمة أو لا لكن قال في الأصل : وإن غصب جلد ميتة ودبغه ، فإن دبغه بما لا قيمة له ، فإنه يأخذه مجانا وفي الكافي ، فإن دبغه بما له قيمة له أخذه وإعطاء ما زاد الدباغ وأطلق في الجلد فشمل ما إذا أخذه من منزل صاحبه أو أخذه من الطريق بعدما ألقاه صاحبه فيه لكن قال القدوري هذا إذا أخذه من منزله أما إذا ألقى صاحبه الميتة في الطريق وأخذها رجل ودبغها فليس له أن يأخذ الجلد وفي الذخيرة عن الثاني له أن يأخذ الجلد ، وإن ألقاه صاحبه في الطريق ولو كان المدبوغ جلدا مذكى كان له ذلك قال مشايخنا لا يفرق بين جلد الميتة وجلد المذكى شيء ذهب إليه الحاكم الشهيد فالجواب في الميتة والمذكاة واحد

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية