قال رحمه الله ( ومن فله حريمها أربعون ذراعا من كل جانب ) لقوله صلى الله عليه وسلم { حفر بئرا في موات } ولأن حافر البئر لا يتمكن من الانتفاع بالبئر إلا بما حولها ولو من حفر بئرا فله ما حولها أربعون ذراعا عطنا لماشيته لم يذكره غرس شجرا في أرض الموات هل يستحق لها حريم في الأصل وقال مشايخنا لها حريم بقدر خمسة أذرع حتى لم يكن لغيره أن يغرس فيها شجرة وللأول منعه محمد ثم قيل الأربعون من الجوانب الأربعة من كل جانب عشرة أذرع ; لأن ظاهر اللفظ بجميع الجوانب الأربعة والصحيح أن المراد أربعون ذراعا من كل جانب لأن المقصود دفع الضرر عنه كي لا يحفر آخر بئرا بجنبها فيتحول ماء الأولى إلى الثانية ولا يندفع هذا الضرر بعشرة أذرع من كل جانب فيتقدر بأربعين كي لا يتعطل عليه المصالح ولا فرق في ذلك بين أن تكون البئر للعطن أو للناضح عند وقدر الشارع حريم البئر بأربعين ذراعا وعندهما إن كان للعطن فأربعون ذراعا وإن كان للناضح فحريمها ستون ذراعا لقوله صلى الله عليه وسلم { أبي حنيفة } ولأن استحقاق الحريم باعتبار الحاجة ، وحاجة بئر الناضح أكثر ; لأنه يحتاج إلى موضع يسير فيه الناضح وهو البعير وقد يطول الرشا وفي بئر العطن يستقي بيده ولا بد من التفاوت بينهما وله ما روينا من غير فصل ومن أصله العام المتفق على قبوله والعمل به يرجح على الخالص المختلف في قبوله والعمل به وبهذا رجح قوله : عليه الصلاة والسلام ما أخرجته الأرض ففيه العشر على قوله وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة لا يقال المراد بذكر العطن ساقية عطنا للمناسبة لأنا نقول : ذكر العطن فيه للتغليب لا للتقييد ولأنه يستسقي من بئر العطن بالناضح باليد فاستوت الحاجة فيهما ولأنه يمكن أن يدير البعير حول البعير فلا يحتاج إلى [ ص: 241 ] الزيادة والتقدير بالأربعين قول حريم العين خمسمائة ذراع وحريم بئر العطن أربعون ذراعا وحريم بئر الناضح ستون ذراعا وعندهما بقدر ستين ذراعا وبه يفتى وفي الينابيع ومن احتاج إلى أكثر من ذلك يزاد عليه ا هـ . الإمام