قال رحمه الله ( وكذا لو قتل عبدهما وأحدهما غائب ) أي لو كان فحكمه مثل ما ذكرنا أحد في الوليين حتى لا يقبل بينة أقامها الحاضر من غير إعادة بعد عود الغائب ، ولو أقام القاتل البينة أن الغائب قد عفا ، فالشاهد خصم ويسقط القصاص لما بينا فحاصله أن هذه المسألة مثل الأولى في جميع ما ذكرنا إلا أنه إذا كان القتل عمدا أو خطأ لا يكون الحاضر خصما عن الغائب بالإجماع والفرق لهما في الكل . عبد بين رجلين فقتل عمدا وأحد الموليين غائب
في الخطأ أن أحد الورثة خصم عن الباقين على ما بينا ولا كذلك أحد الموليين على ما عرف في موضعه وقدمنا له مزيد بيان عند ذكر الكبير والصغير فارجع إليه قال رحمه الله ( ، وإن شهد وليان بعفو ثالثهما لغت ) أي إذا ولأبي حنيفة فشهادتهما باطلة ; لأنهما يجران لأنفسهما نفعا ، وهو انقلاب القود مالا ، وهو عفو منهما وزعمهما معتبر في حق أنفسهما إطلاق في قوله بعفو ثالثهما فشمل ما إذا كان في العمد والخطأ وقيد في المحيط الخطأ حيث قال : فشهادتهما جائزة في الخطأ إذا لم يقبضا نصيبهما ا هـ . كان أولياء المقتول ثلاثة فشهد اثنان منهم على الثالث أنه عفا
وإنما قيد به ; لأنهما إذا قبضا نصيبهما لم يحتاجا إلى إثبات عفو الغائب ; لأن العفو حصل منهما ، وهو قيد حسن لا بد منه ، ولو قيد به المؤلف لكان [ ص: 366 ] أولى وذكر في المبسوط في كتاب الصلح لا تقبل ; لأن شهادتهما تجر لأنفسهما مغنما ; لأن شهادتهما تقطع شركة المشهود عليه في الباقي من الدين فلا تقبل كما لو شهد أنه أبرأه عن نصيبه بعدما قبضا نصيبهما وجه هذه الرواية التي ذكرها والمأذون في دين بين ثلاثة شهد اثنان على الثالث أنه أبرأ عن نصيبه المؤلف أنهما بشهادتهما لا يثبتان لأنفسهما حق المشاركة للمشهود عليه ; لأنهما لم يقبضا شيئا من الدين .
ولو حولا نصيبهما مالا ، وإنما منعت ثبوت المشاركة للمشهود عليه متى قبضا نصيبهما والشاهد يملك المنع ولا يملك الإبطال ، وإذا شهد شاهدان بالعفو على الخطأ فقضى به ثم رجعا ضمنا ما اتلفاه نصفين لأنهما أبطلا على المشهود عليه دينا مؤجلا فيضمنان لذلك شهد شاهدان على ولي الدم أنه أخر القاتل اليوم إلى الليل على جعل معلوم ولم يكن عفوا ولا مال له ; لأن تأخير الحق لا يقتضي سقوطه فكذا تأجيل القتل لا يقتضي سقوطه والمال باطل ; لأنه لو وجب عوضا عن الأجل والاعتياض عن الأجل باطل ، ولو كان صلحا ; لأنه عفا عن القصاص يوما والعفو لا يقبل التأقيت فصح العفو وبطل التأقيت ، وصار كما لو شهدا على أنه أخذ الجعل على أن يعفو عنه يوما جاز الصلح وبطل التأقيت فكذا هذا وقوله على أن يعفو لم يخرج مخرج العدة ، وإنما يراد به الإخبار كالرجل يقول للمرأة تزوجتك على ألف درهم فقبلت فهو نكاح فكان المراد منه الإيجاب فكذا هذا . طلق امرأته وأعتق عبده على ألف إلى الليل