قال رحمه الله ( سواء ) لما روي عن ودية المسلم والذمي أن { ابن عباس النبي صلى الله عليه وسلم قضى في مستأمن قتله بمائة من الإبل عمرو بن أمية الضمري } وقال عليه الصلاة والسلام { ودية كل ذي عهد في عهده ألف دينار } وعن الزهري أن أبا بكر رضي الله عنهما كانا يجعلان دية الذمي مثل دية المسلم وقال وعمر رضي الله عنه إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا وفي ظاهر قوله تعالى { علي وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله } دلالة عليه لأن المراد منه ظاهر ما هو المراد من قوله تعالى في قتل المؤمن { ودية مسلمة إلى أهله } لأنهم معصومون متقومون لإحرازهم أنفسهم بالدار فوجب أن يكونوا ملحقين بالمسلمين إذ يجب بقتلهم ما يجب بقتلهم أن لو كانوا مسلمين .
ألا ترى أن أموالهم لما كانت معصومة متقومة يجب بإتلافها ما يجب بإتلاف مال المسلم ، فإذا كان هذا في أموالهم فما ظنك في أنفسهم ولا يقال إن نقص الكفر فوق نقص الأنوثة والرق فوجب أن تنتقص ديته به كما تنتقص بالأنوثة والرق ولأن الرق أثر الكفر ، فإذا انتقص بأثره فأولى أن ينتقص به لأنا نقول نقصان دية المرأة والعبد لا باعتبار نقصان الأنوثة والرق بل باعتبار نقصان صفة المالكية فإن المرأة لا تملك النكاح والعبد لا يملك المال والحر الذكر يملكهما ولهذا زادت قيمته ونقصت قيمتهما والكافر يساوي المسلم في هذا المعنى فوجب أن يكون بدله كبدله والمستأمن ديته مثل دية الذمي في الصحيح لما روينا .