الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ولو قال لهما بعدما كبرا قد دفعت إليكما ألفا فصدقه أحدهما وكذبه الآخر رجع المنكر على أخيه بمائتين وخمسين درهما وإن أنكر لم يكن لهما على الولي شيء ; لأنه أمين ادعى رد الأمانة إلى صاحبها ، ولو قال الوصي دفعت إلى كل واحد منكما خمسمائة على حدة وصدقه أحدهما وكذبه الآخر .

                                                                                        رجع المكذب على الوصي بمائة وخمسين درهما ; لأن قسمته لا تجوز عليهما ، وهما حاضران ولو كانا غائبين جازت القسمة عليهما . رجل مات وترك ابنين صغيرين فلما أدركا طلبا ميراثهما ، فقال الوصي : جميع تركة أبيكما ألف ، وقد أنفقت على كل واحد منكما خمسمائة فصدقه أحدهما وكذبه الآخر رجع المكذب على المصدق بمائتين وخمسين ولا يرجع على الوصي في ذلك عند زفر وهو رواية عن أبي حنيفة ، وفي رواية عن ابن أبي مالك عن أبي يوسف أنه يرجع ; لأن الوصي أمين ادعى صرف الأمانة إلى نفقتهما وحاجتهما وهو مسلط عليه من جهة الشرع فيصدق فيه في حق براءة نفسه عن الضمان ولا يصدق في إبطال حق المكذب فيما وصل إلى المقر بالنفقة فصار المقر مقرا بالشركة فيما وصل إليه وذلك خمسمائة ، وقال أبو يوسف : لا يرجع المقر على المنكر بشيء ، والقول قول الوصي ; لأنه تصدق في الإنفاق على المنكر ; لأنه مسلط عليه وهو مأمور من جهة الشرع فيصدق فيه فثبت الإنفاق عليه فصار كأنه وصل إليه خمسمائة معاينة ، وفي الفتاوى رجل باع ضيعة اليتيم من مفلس يعلم أنه يعجز عن استيفاء ثمنه منه قال يؤجل القاضي المشتري ثلاثة أيام فإن نقده الثمن ، وإلا نقض البيع ، وقال نصير بن يحيى : للموصي أن يأكل من مال اليتيم ويركب دابته إذا ذهب في حاجته .

                                                                                        قال الفقيه أبو الليث : هذا إذا كان محتاجا لقوله تعالى { ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف } فإن لم يكن محتاجا لا يجوز لقوله تعالى { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما } الآية من غير تفصيل ولكن هذه الآية صارت منسوخة بالأولى ، وذكر في المنتقى لا يركب الوصي من مال اليتيم في حاجته إلا بإذن القاضي ، والنفقة من مال الموصي .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية