الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ، ولو ترك أم أب الأم وأم أب الأب فالمال بينهما { للذكر مثل حظ الأنثيين } ; لأنهما يدليان إلى الميت بقرابة الأم فيقسم عليهما باعتبار أبدانها بلا خلاف كعمة الأم وعمها وخالة الأم وخالها على ما يأتي بيانه بعد هذا إن شاء الله تعالى فإن كان للأب الميت جد من قبل الأب أب أم أب أم كذلك يقسم المال بينهما أثلاثا ثلثاه للجدة من قبل الأب وثلثه للجدة من قبل الأم ، ثم ما أصاب جدتي الأب يقسم بينهما أثلاثا ثلثاه للجدة من قبل الأب وثلثه للجدة من قبل الأم .

                                                                                        وهذه المسألة تدل على أن من يدلي إلى الميت بالوارث ليس بأولى فإن أب أم الأب يدلي إلى الميت بالوارث ، ومع هذا لا يكون أولى ، وأما الكلام في أولاد الأخوات وبنات الإخوة أولاهم بالميراث أقربهم إلى الميت وفي السراجية أولاد أولاد الأخوات لأب وأم المال بينهم { للذكر مثل حظ الأنثيين } فإن استووا في القرب فمن كان منهم ولد وارث فهو أولى عند بعض المشايخ ، ومثاله بنت بنت أخ ، وبنت ابن أخ فعند بعض المشايخ بنت ابن الأخ أولى ، وإن استووا في القرب ، وكان أحدهما ولد عصبة ، والآخر ولد صاحب فرض فعلى قول أبي يوسف الآخر يقسم المال بينهما باعتبار الأبدان ، وعلى قول محمد يقسم المال بينهما باعتبار الآباء مثاله بنت أخ وابن أخ فعلى قول أبي يوسف الثلثان لابن الأخ والثلث لابن الأخت ; لأنه لو ترك أخا وأختا توجيه قول محمد أن ميراث ذوي الأرحام يعتبر بالأصول عند اختلاف الفروع وتعتبر بالأبدان عند اتفاق الأصول ، ألا ترى أنهم اتفقوا في بنت الخال وبنت العم أن للعم الثلثين ، وللخال الثلث ، وكانت هذه القسمة باعتبار أصولهما وهو الأب والأم وقالوا في العمة والعم لأم إن المال بينهما باعتبار الأبدان أثلاثا ; لأن الأصول متفق وقالوا في أولاد ذوي الأرحام عند اختلاف الأصول باعتبار الأصول وباعتبار الأبدان .

                                                                                        وأبو يوسف يقول بأن المستحق بولاء الأولاد دون الأصول فإذا اتحد جهة الاستحقاق يجب اعتبار الأبدان لا اعتبار الأصول ، ألا ترى أنهم قالوا في أم الأم وأم الأب إن السدس بينهما نصفان ، ولم يقل بأن أحدهما يدلي بقرابة الأب ، والآخر بقرابة الأم فيكون الثلث لقرابة الأم والثلثان لقرابة الأب ; لأن جهة الاستحقاق قد اختلفت ; لأن العمومة والخؤولة اختلف فيها جهة الاستحقاق ، فإن استووا في القرب وليس فيهم ولد عصبة ، ولا ولد صاحب فرض فالمال يقسم بينهم على السوية إذا كانوا ذكورا كلهم وإناثا كلهن ، وإن كانوا مختلطين ، وقد اتفق الأصول فللذكر مثل حظ الأنثيين ، وإن اختلفت الأصول فكذلك عند أبي يوسف اعتبارا لإتيان الفروع ، وعند محمد أن يعتبر أول بطن مختلف على ما ذكرنا في الصنف الأول ، وإن اجتمع أولاد الأخوات المتفرقات وبنات الإخوة فعند أبي يوسف من كان لأب وأم فهو أولى ممن كان لأم ، وعند محمد يعتبر الأصول ، مثاله إذا هلك الرجل وترك بنت أخ لأب وأم وبنت أخ لأب وبنت أخ لأم فعند أبي يوسف : المال كله لبنت الأخ لأب وأم ، وعند محمد : سدس المال لبنت الأخ لأم والباقي لبنت الأخ لأب وأم ، وإن اجتمع أولاد الإخوة والأخوات لأم فعند أبي حنيفة لا يفضل الذكر على الأنثى كالأصول وعند أبي يوسف يفضل بخلاف الأصول حتى إنه لو ترك ولدي أخت لأم كانا ذكرين أو كانا أنثيين أو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى فالمال بينهما نصفان وكذلك إذا ترك ولدي الأخ لأم وولدي الأخت لأم فالمال بينهم بالسوية أرباعا .

                                                                                        وفي السراجية بنات الإخوة وعند أبي يوسف من كانت لأب وأم فهي أولى ممن كانت لأب وهي أولى [ ص: 581 ] ممن كانت لأم وقال محمد يعتبر الأصول

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية