( قوله لا بمكة ومنى ) أي لو بمكة خمسة عشر يوما فإنه لا يتم الصلاة ; لأن الإقامة لا تكون في مكانين إذ لو جازت في مكانين لجازت في أماكن فيؤدي إلى أن السفر لا يتحقق ; لأن إقامة المسافر في المراحل لو جمعت كانت خمسة عشر يوما أو أكثر إلا إذا نوى أن يقيم بالليل في أحدهما فيصير مقيما بدخوله فيه ; لأن إقامة المرء تضاف إلى مبيته يقال فلان يسكن في حارة كذا ، وإن كان بالنهار في الأسواق ثم بالخروج إلى الموضع الآخر لا يصير مسافرا وذكر في كتاب المناسك أن نوى الإقامة مكة في أيام العشر ونوى الإقامة نصف شهر لا يصح ; لأنه لا بد له من الخروج إلى الحاج إذا دخل عرفات فلا يتحقق الشرط ، وقيل كان سبب تفقه هذه المسألة ، وذلك أنه كان مشغولا بطلب الحديث قال فدخلت عيسى بن أبان مكة في أول العشر من ذي الحجة مع صاحب لي وعزمت على الإقامة شهرا وجعلت أتم الصلاة فلقيني بعض أصحاب فقال أخطأت فإنك تخرج إلى أبي حنيفة منى وعرفات فلما رجعت من منى بدا لصاحبي أن يخرج وعزمت على أن أصاحبه وجعلت أقصر الصلاة فقال لي صاحب أخطأت فإنك مقيم أبي حنيفة بمكة فما لم تخرج منها لا تصير مسافرا فقلت أخطأت في مسألة في موضعين فرحلت إلى مجلس محمد واشتغلت بالفقه قال في البدائع ، وإنما أوردنا هذه الحكاية ليعلم مبلغ العلم فيصير مبعثة للطلبة على طلبه قيد بالمصرين ومراده موضعان صالحان للإقامة لا فرق بين المصرين أو القريتين أو المصر والقرية للاحتراز عن نية الإقامة في موضعين من مصر واحد أو قرية واحدة فإنها صحيحة ; لأنهما متحدان حكما ، ألا ترى أنه لو خرج إليه مسافرا لم يقصر .