الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله وهو ما يذهب بتبنة ) أي الماء الجاري ما يذهب بتبنة وقد توهم بعض المشتغلين أن هذا الحد فاسد ; لأنه يرد عليه الجمل والسفينة ، فإنهما يذهبان بتبن كثير ومنشأ التوهم أن ما موصولة في كلامه وقد وقع مثلها في عبارة ابن الحاجب ، فإنه قال الكلام ما يتضمن كلمتين بالإسناد فقيل يرد عليه الورقة والحجر المكتوب عليه كلمتان فأكثر ; لأن ما موصولة بمعنى الذي لكن الجواب عنهما أن ما ليست موصولة ، وإنما هي نكرة موصوفة فالمعنى الجاري ماء بالمد يذهب بتبنة والكلام لفظ يتضمن كلمتين وقد اختلف في حد الجاري على أقوال منها ما ذكره المصنف وأصحها أنه ما يعده الناس جاريا كما ذكره في البدائع والتبيين وكثير من الكتب ( قوله : فيتوضأ منه ) أي من الماء الجاري قال الزيلعي ويجوز أن يعود إلى الماء الراكد الذي بلغ عشرا في عشر ; لأنه يجوز الوضوء به في موضع الوقوع ما لم يتغير في رواية ، وهو المختار عندهم ( قوله : إن لم ير أثره ) أي إن لم يعلم أثر النجس فيه ورأى تستعمل بمعنى علم قال الشاعر

                                                                                        رأيت الله أكبر كل شيء

                                                                                        ، وإنما قلنا هذا ; لأن الطعم والرائحة لا تعلق للبصر بهما ، وإنما الطعم للذوق والرائحة للشم .

                                                                                        [ ص: 88 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 88 ] ( قوله : وقد توهم بعض المشتغلين إلخ ) قيل هو علي الرومي شيخ المدرسة الأشرفية أورد الرد فضحك منه وقد أورده الشيخ قاسم في مجلسه على سبيل الاستهزاء بقائله وليس العجب منه بل العجب من الشارح حيث أورده هنا ( قوله : لكن الجواب عنهما أن ما ليست موصولة وإنما هي نكرة موصوفة ) أقول : النكرة الموصوفة هي التي تقدر بقولك شيء كما ذكره ابن هشام في مغني اللبيب فما ورد على كونها موصولة يرد على كونها موصوفة بالأولى والحق أن الضمير عائد على الماء الجاري المذكور قبله فالموصول صفة له ويجوز تقديرها نكرة موصوفة لكن مع تخصيص لفظ شيء أي والماء الجاري شيء من الماء يذهب بتبنة ولا يخفى أن الأول أولى وأن الإيراد ساقط من أصله إذ لا يخطر في بال عاقل فضلا عن فاضل

                                                                                        ( قوله : ويجوز أن يعود إلى الماء الراكد ) أقول : هذا هو الأولى ; لأن الجاري لم يذكر مقصودا بل المحدث عنه الماء الدائم والجاري ذكر معترضا في البين فالفاء للتفريع على قوله إن لم يكن عشرا بعشر أي ولا يتوضأ بماء دائم فيه نجس إن لم يكن عشرا بعشر فيتوضأ منه إن لم ير أثره إلخ ( قوله : وإنما قلنا هذا إلخ ) سبقه إلى هذا في الحواشي السعدية كما نقله عنه في النهر فقال معترضا على العناية حيث فسر يرى بيبصر فيه بحث ، فإن قوله ، وهو طعم إلخ يمنع حمله على ما ذكره بل معناه إن لم يعلم لها أثر بالطريق الموضوع لعلمه كالذوق والشم والإبصار ا هـ .

                                                                                        قال في النهر وجوابه أنه أراد به الإبصار بالبصيرة كما حرره العلامة في قوله تعالى { أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون } ا هـ .

                                                                                        ولا يخفى أن تفسير الرؤية بالإبصار ثم ادعاء أن المراد به الإبصار بالبصيرة خلاف الظاهر ولو كان المراد ذلك لفسرها من أول الأمر بالعلم .




                                                                                        الخدمات العلمية