الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  109 50 - حدثنا مكي بن إبراهيم ، قال : حدثنا يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا هو الحديث الرابع مما فيه المطابقة للترجمة .

                                                                                                                                                                                  بيان رجاله وهم ثلاثة :

                                                                                                                                                                                  الأول : المكي بن إبراهيم البلخي ، وقد تقدم .

                                                                                                                                                                                  الثاني : يزيد بن أبي عبيد أبو خالد الأسلمي مولى سلمة بن الأكوع ، توفي سنة ست أو سبع وأربعين ومائة ، روى له الجماعة .

                                                                                                                                                                                  الثالث : سلمة بفتح السين واللام ابن الأكوع ، واسم الأكوع سنان بن عبد الله الأسلمي المديني يكنى سلمة بأبي مسلم ، وقيل : بأبي إياس ، وقيل : بأبي عامر ، وقيل : هو عمرو بن الأكوع ، شهد بيعة الرضوان وبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ثلاث مرات في أول الناس وأوسطهم وآخرهم ، روي له عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعة وسبعون حديثا ، اتفقا منها على ستة عشر وانفرد البخاري بخمسة ومسلم بتسعة ، توفي بالمدينة سنة أربع وسبعين وهو ابن ثمانين سنة ، روى له الجماعة وكان شجاعا راميا محسنا يسبق الخيل فاضلا خيرا ، ويقال : إنه كلمه الذئب ، قال سلمة : رأيت الذئب قد أخذ ظبيا فطلبته حتى نزعته منه ، فقال : ويحك ما لي ولك ؟ عمدت إلى رزق رزقنيه الله تعالى ليس من مالك تنزعه مني ! قال : قلت : أيا عباد الله ، إن هذا لعجب ذئب يتكلم ! فقال الذئب : أعجب منه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله وتأبون إلا عبادة الأوثان ، قال : فلحقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; فأسلمت .

                                                                                                                                                                                  بيان لطائف إسناده :

                                                                                                                                                                                  ومنها أن فيه التحديث والعنعنة ، ومنها أنه من ثلاثيات البخاري ، وهو أول ثلاثي وقع في البخاري وليس فيه أعلى من الثلاثيات ويبلغ جميعها أكثر من عشرين حديثا ، وبه فضل البخاري على غيره . ومنها أن فيه المكي بن إبراهيم ، وهو من كبار شيوخ البخاري سمع من سبعة عشر نفرا من التابعين منهم يزيد بن أبي عبيد المذكور .

                                                                                                                                                                                  بيان الإعراب والمعنى

                                                                                                                                                                                  قوله " يقول " جملة وقعت حالا ، قوله “ من يقل علي " كلمة من موصولة تتضمن معنى الشرط ، وأصل يقل يقول حذفت الواو للجزم لأجل الشرط ، وجواب الشرط هو قوله " فليتبوأ " ; فلذلك دخلته الفاء ، قوله “ ما لم أقل " كلمة ما موصولة و" أقل " جملة صلتها والعائد محذوف تقديره ما لم أقله ، فإن قلت : أهذا مختص بالقول أم يتناول نسبة فعل إليه لم يفعله ؟ قلت : اللفظ خاص بالقول لكن لا شك أن الفعل في معناه لاشتراكهما في علة الامتناع ، وهو الجسارة على الشريعة ومشرعها صلى الله عليه وسلم ، وقد احتج بظاهر هذا الحديث الذي منع من رواية الحديث بالمعنى ، وأجيب من جهة المجوزين بأن المراد النهي عن الإتيان بلفظ يوجب تغيير الحكم على أن الإتيان باللفظ أولى بلا شك .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية