الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
3431 - nindex.php?page=treesubj&link=19995_19829 "ثلاث من أوتيهن فقد أوتي مثل ما أوتي آل داود : العدل في الغضب والرضا؛ والقصد في الفقر والغنى؛ وخشية الله (تعالى) في السر والعلانية"؛ nindex.php?page=showalam&ids=14155الحكيم ؛ عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
[ ص: 292 ] (ثلاث من أوتيهن فقد أوتي مثل ما أوتي آل داود ) ؛ أي: من أوتيهن فقد أوتي الشكر؛ فهو شاكر كشكر آل داود المأمور به في قوله (تعالى): nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13اعملوا آل داود شكرا ؛ ( nindex.php?page=treesubj&link=19829العدل في الغضب والرضا ) ؛ فإذا عدل فيهما؛ صار القلب ميزانا للحق؛ لا يستفزه الغضب؛ ولا يميل به الرضا؛ فكلامه للحق؛ لا للنفس؛ وهذا عزيز جدا؛ إذ أكثر الناس إذا غضب لم يبال بما يقول؛ ولا بما يفعل؛ ومن ثم كان من دعاء المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=667549 "أسألك كلمة الحق في الغضب؛ والرضا" ؛ ( والقصد في الفقر والغنى ) ؛ بحيث لا يضطره الغنى حتى ينفق في غير حق؛ ولا يعوزه الفقر حتى يمنع من فقره حقا؛ ( وخشية الله في السر؛ والعلانية ) ؛ لأن الخشية ولوج القلب باب الملكوت؛ وحينئذ يستوي سره وعلنه؛ فإذا أوتي العبد هذه الثلاث؛ قوي على ما قوي عليه آل داود ؛ وفي الحديث إشعار بذم إظهار الخشية والخشوع؛ من غير تزيين الباطن بهما؛ وذلك من الأمراض القلبية؛ قال nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي : ودواؤه الاشتغال بحفظ السر؛ والقلب؛ ليتزين بأنوار باطنه أفعال ظاهره؛ فيكون مزينا من غير زينة؛ مهيبا من غير أتباع؛ عزيزا من غير عشيرة؛ وقال غيره: [ما أوتي] داود : تيقن أن الخلق لا يكرمونه إلا بقدر ما جعل الله له في قلوبهم؛ ويعلم أن باطنه موضع نظر الحق.
( nindex.php?page=showalam&ids=14155الحكيم ) ؛ الترمذي ؛ (عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ) ؛ رضي الله (تعالى) عنه؛ قال: خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتلا هذه الآية: nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=13اعملوا آل داود شكرا ؛ ثم ذكره.
الإمام ، الحافظ ، العارف ، الزاهد أبو عبد الله ، محمد بن علي [ ص: 440 ] بن الحسن بن بشر ، الحكيم الترمذي .
حدث عن : أبيه ، وقتيبة بن سعيد ، وعلي بن حجر ، وصالح بن عبد الله الترمذي ، وعتبة بن عبد الله المروزي ، ويحيى خت ، وسفيان بن وكيع ، وعباد بن يعقوب الرواجني وطبقتهم . وكان ذا رحلة ومعرفة ، وله مصنفات وفضائل .
حدث عنه : يحيى بن منصور القاضي ، والحسن بن علي ، وغيرهما من مشايخ نيسابور ، فإنه قدمها وحدث بها في سنة خمس وثمانين ومائتين . وقد لقي أبا تراب النخشبي ، وصحب أحمد بن خضرويه ويحيى بن الجلاء .
وله حكم ومواعظ وجلالة ، لولا هفوة بدت منه . ومن كلامه : ليس في الدنيا حمل أثقل من البر ، فمن برك ، فقد أوثقك ، ومن جفاك فقد أطلقك .
وقال : كفى بالمرء عيبا أن يسره ما يضره .
وقال : من جهل أوصاف العبودية ، فهو بنعوت أوصاف الربانية أجهل . [ ص: 441 ] وقال : صلاح خمسة في خمسة : صلاح الصبي في المكتب ، وصلاح الفتى في العلم ، وصلاح الكهل في المسجد ، وصلاح المرأة في البيت ، وصلاح المؤذي في السجن . وسئل عن الخلق : فقال : ضعف ظاهر ، ودعوى عريضة . قال أبو عبد الرحمن السلمي : أخرجوا الحكيم من ترمذ ، وشهدوا عليه بالكفر ، وذلك بسبب تصنيفه كتاب : " ختم الولاية " وكتاب " علل الشريعة " ، وقالوا : إنه يقول : إن للأولياء خاتما كالأنبياء لهم خاتم . وإنه يفضل الولاية على النبوة ، واحتج بحديث : يغبطهم النبيون والشهداء فقدم بلخ ، فقبلوه لموافقته لهم في المذهب .
وذكره ابن النجار ، فوهم في قوله : روى عنه علي بن محمد بن ينال العكبري . فإن ابن ينال إنما سمع من محمد الترمذي ، شيخ حدثهم في سنة ثمان عشرة وثلاث مائة .
قال السلمي : حدثنا علي بن بندار الصيرفي ، سمعت أحمد بن عيسى الجوزجاني ، سمعت محمد بن علي الترمذي يقول : ما صنفت شيئا عن [ ص: 442 ] تدبير ، ولا لأن ينسب إلي شيء منه ، ولكن كان إذا اشتد علي وقتي كنت أتسلى بمصنفاتي . وقال السلمي : هجر لتصنيفه كتاب : " ختم الولاية " ، و " علل الشريعة " ، وليس فيه ما يوجب ذلك ، ولكن لبعد فهمهم عنه .
قلت : كذا تكلم في السلمي من أجل تأليفه كتاب : " حقائق التفسير " ، فيا ليته لم يؤلفه ، فنعوذ بالله من الإشارات الحلاجية ، والشطحات البسطامية ، وتصوف الاتحادية ، فواحزناه على غربة الإسلام والسنة ، قال الله تعالى : وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله .