[ ص: 28 ] فصل فى سبب تصنيفه وكيفية تأليفه
قال إبراهيم بن معقل النسفي : قال لنا كنت عند أبو عبد الله البخاري: فقال لنا بعض أصحابنا: لو جمعتم كتابا مختصرا في الصحيح لسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع هذا الكتاب. إسحاق بن راهويه،
وروي من جهات عنه قال: صنفت كتاب الصحيح لست عشرة سنة، خرجته من ستمائة ألف حديث، وجعلته حجة بيني وبين الله، عز وجل.
[ ص: 29 ] وعنه أنه قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام كأني واقف بين يديه، وبيدي مروحة أذب عنه، فسألت بعض المعبرين فقال: أنت تذب الكذب; فهو الذي حملني على إخراج "الصحيح".
وعنه قال: ما أدخلت في كتاب "الجامع" إلا ما صح، وتركت من الصحاح لحال الطول. وفي رواية عنه حكاها في "شروط الأئمة الخمسة": لم أخرج في هذا الكتاب إلا صحيحا، وما تركته من الصحاح أكثر، وهي بمعناها. الحازمي
وقال قال لي الفربري: ما وضعت في كتاب "الصحيح" حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين. البخاري:
وقال عبد القدوس بن همام: سمعت عدة من المشايخ يقولون: حول تراجم جامعه بين قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنبره، وكان يصلي [ ص: 30 ] لكل ترجمة ركعتين. البخاري
وقال أبو زيد المروزي: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام، فقال لي: "إلى متى تدرس الفقه، ولا تدرس كتابي؟ ". قلت: وما كتابك يا رسول الله؟ قال: "جامع أو كما قال. محمد بن إسماعيل البخاري"،
وفي "تاريخ نيسابور" للحاكم، عن أبي عمرو إسماعيل، ثنا أبو عبد الله محمد بن علي قال: سمعت يقول: أقمت محمد بن إسماعيل البخاري بالبصرة خمس سنين معي كتبي أصنف وأحج في كل سنة، وأرجع من مكة إلى البصرة. قال: وأنا أرجو أن الله تعالى يبارك للمسلمين في هذه المصنفات. قال أبو عمرو: قال أبو عبد الله: فلقد بارك الله فيها.
[ ص: 31 ] وقال : صنف صحيحه (ابن طاهر) ببخارى. وقيل: بمكة. وقال ابن بجير : سمعت يقول: صنفته في المسجد الحرام، وما أدخلت فيه حديثا إلا بعد ما استخرت الله تعالى وصليت ركعتين، وتيقنت صحته. البخاري
قال والقول الأول عندي أصح. ابن طاهر:
وجمع النووي بين ذلك بأنه كان يصنف فيه بمكة، والمدينة، والبصرة، وبخارى، فإنه مكث في تصنيفه ست عشرة سنة كما سلف.
[ ص: 32 ] وبعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إليه: أن (احمل) إلي كتاب "الجامع"، و"التاريخ"، وغيرهما; لأسمع منك.
فبعث إليه: أنا لا أذل العلم، ولا أحمله إلى أبواب الناس، فإن كان لك إلى شيء منه حاجة فاحضرني في مسجدي أو في داري.
ويروى أنه بعث إليه أن يعقد مجلسا لأولاده لا يحضره غيرهم، فامتنع وقال: لا يسعني أن أخص بالسماع قوما دون قوم.