290 1 - باب: كيف كان بدء الحيض؟ وقول النبي - صلى الله عليه وسلم: "هذا شيء كتبه الله على بنات آدم".

وقال بعضهم: كان أول ما أرسل الحيض على بني إسرائيل.

وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر. [فتح: 1 \ 400] .

التالي السابق

الشرح

أَيْ: فَإِنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ بَنَاتِ آدَمَ، فَهَذِهِ الْمَقَالَةُ عَنْ بَعْضِهِمْ مَرْدُودَةٌ بِذَلِكَ.

قَالَ الْمُهَلَّبُ: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ مَكْتُوبٌ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فَمَنْ بَعْدَهُنَّ مِنَ الْبَنَاتِ، وَهُوَ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِنَّ الَّذِي فِيهِ صَلَاحُهُنَّ، قَالَ تَعَالَى فِي زَكَرِيَّا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ [الْأَنْبِيَاءُ: 90].

قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ يَعْنِي: رَدَّ اللَّهُ إِلَيْهَا حَيْضَهَا لِتَحْمِلَ، وَهُوَ مِنْ حِكْمَةِ الْبَارِي تَعَالَى الَّذِي جَعَلَهُ سَبَبًا لِلنَّسْلِ (الْإِنْسِيِّ) أَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا ارْتَفَعَ حَيْضُهَا لَمْ تَحْمِلْ عَادَةً. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَقَالَ غَيْرُهُ لَيْسَ فِيمَا أَتَى بِهِ حُجَّةٌ؛ لِأَنَّ زَكَرِيَّا مِنْ أَوْلَادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالْحُجَّةُ الْقَاطِعَةُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَضَحِكَتْ [هُودٌ: 71] فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ.

قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي: حَاضَتْ. وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ يُقَالُ: ضَحِكَتِ الْمَرْأَةُ: إِذَا حَاضَتْ، وَكَذَلِكَ الْأَرْنَبُ وَالضَّبْعُ وَالْخُفَّاشُ.

وَإِبْرَاهِيمُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ جَدُّ إِسْرَائِيلَ؛ لِأَنَّ إِسْرَائِيلَ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ [ ص: 11 ] إِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ كِتَابٌ إِلَّا عَلَى مُوسَى، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْحَيْضَ كَانَ قَبْلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَحَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَشْهَدُ لِهَذَا التَّأْوِيلِ وَصِحَّتِهِ.

أي: فإنه عام في جميع بنات آدم، فهذه المقالة عن بعضهم مردودة بذلك.

قال المهلب: الحديث يدل على أن الحيض مكتوب على بنات آدم فمن بعدهن من البنات، وهو من أصل خلقتهن الذي فيه صلاحهن، قال تعالى في زكريا - صلى الله عليه وسلم: وأصلحنا له زوجه [الأنبياء: 90].

قال أهل التأويل يعني: رد الله إليها حيضها لتحمل، وهو من حكمة الباري تعالى الذي جعله سببا للنسل (الإنسي) أن المرأة إذا ارتفع حيضها لم تحمل عادة. قال ابن بطال: وقال غيره ليس فيما أتى به حجة؛ لأن زكريا من أولاد بني إسرائيل، والحجة القاطعة في ذلك قوله تعالى: فضحكت [هود: 71] في قصة إبراهيم.

قال قتادة: يعني: حاضت. وهذا معروف في اللغة يقال: ضحكت المرأة: إذا حاضت، وكذلك الأرنب والضبع والخفاش.

وإبراهيم - صلى الله عليه وسلم - هو جد إسرائيل؛ لأن إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن [ ص: 11 ] إبراهيم، ولم ينزل على بني إسرائيل كتاب إلا على موسى، فدل ذلك على أن الحيض كان قبل بني إسرائيل. وحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - يشهد لهذا التأويل وصحته.