1887 ص: وقد كان -رحمه الله- قال مرة: أبو يوسف - عليه السلام -، وزعم أن الناس إنما صلوها لفضل الصلاة معه، وهذا القول عندنا ليس بشيء; لأن أصحاب النبي - عليه السلام - قد صلوها بعده، قد صلاها لا تصلى صلاة خوف بعد النبي حذيفة بطبرستان، وما في ذلك فأشهر من أن نحتاج إلى أن نذكره هاهنا.
فإن احتج في ذلك بقوله: وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية، فقال: إنما أمر بذلك إذا كان فيهم، فإذا لم يكن فيهم انقطع ما أمر به من ذلك.
قيل له: فقد قال -عز وجل-: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم الآية. فكان الخطاب ها هنا له - صلى الله عليه وسلم -، وقد أجمع أن ذلك معمول به بعده كما كان يعمل به في حياته.
[ ص: 269 ] ولقد حدثني ابن أبي عمران أنه سمع يعيب قول أبا عبد الله محمد بن شجاع الثلجي أبي يوسف هذا فيقول: إن الصلاة مع النبي - عليه السلام - وإن كانت أفضل من الصلاة مع الناس جميعا فإنه لا يجوز لأحد أن يتكلم فيها بكلام يقطعها، ولا ينبغي أن يفعل فيها شيئا لا يفعله في الصلاة مع غيره، وأنه يقطعها ما يقطع الصلاة خلف غيره من الأحداث كلها، فلما كانت الصلاة خلفه لا يقطعها الذهاب والمجيء واستدبار القبلة إذا كانت صلاة خوف، كانت خلف غيره أيضا كذلك، والله أعلم.