4668 4669 [ ص: 303 ] ص: فقد ثبث بما ذكرنا أن لا حجة في شيء من ذلك لمن فإن قال قائل: فإن في قول رسول الله -عليه السلام-: "إن جاءت به كذا فهو لزوجها إن جاءت به كذا فهو لفلان؛ دليلا على أن الحمل هو المقصود إليه بالقذف واللعان، فجوابنا له في ذلك أن اللعان لو كان بالحمل إذن فكان منتفيا في الزوج غير لاحق به أشبهه أو لم يشبهه، ألا ترى أنها لو كانت وضعته قبل أن يقذفها فنفى ولدها وكان أشبه الناس به أنه يلاعن بينهما ويفرق بينهما ويلزم الولد أمه، ولا يلحق بالملاعن لشبهه به، فلما كان الشبه لا يجب به ثبوت النسب ولا يجب بعدمه انتفاء النسب وكان في الحديث الذي ذكرنا أن رسول الله -عليه السلام- قال: "إن جاءت به كذا فهو للذي لاعنها" دل ذلك على أنه لم يكن باللعان نافيا له؛ لأنه لو كان نافيا له، إذا لما كان شبهه به دليلا على أنه منه، ولا بعد شبهه إياه دليل على أنه من غيره. يوجب اللعان بالحمل،
وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأعرابي الذي سأله فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود ما حدثنا قال: أنا يونس، قال: أخبرني ابن وهب، ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أبي هريرة: . "أن أعرابيا أتى النبي -عليه السلام- فقال: إن امرأتي ولدت غلاما أسود، وإني أنكرته، فقال له: هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق؟ ؟ قال: إن فيها لورقا، قال: فأنى ترى ذلك جاءها؟ قال: يا رسول الله إنه عرق نزعها، . قال: فلعل هذا عرق نزعه".
حدثنا قال: أنا يونس، قال: أخبرني ابن وهب، مالك، ، وابن أبي ذئب ، عن وسفيان ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن رسول الله -عليه السلام- مثله. أبي هريرة
فلما كان رسول الله -عليه السلام- لم يرخص له من نفيه لبعد شبهه منه، وكان الشبه غير دليل على شيء ثبت أن جعل النبي -عليه السلام- ولد الملاعنة من زوجها إن جاءت به على شبهه دليل على أن اللعان لم يكن نفاه منه، فقد ثبت بما ذكرنا فساد ما احتج به الذين [ ص: 304 ] يرون اللعان بالحمل، وفي ذلك حجة أخرى وهي أن في حديث سهل بن سعد، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "انظروها فإن جاءت به كذا فلا أراه إلا وقد صدق عليها".
فكان ذلك القول من رسول الله -عليه السلام- على الظن لا على اليقين، وذلك فمما دل أيضا أنه لم يكن جرى منه في الحمل حكم أصلا، فثبت بذلك فساد قول من ذهب إلى اللعان بالحمل، وإنما احتججنا به لمن ذهب إلى خلافه في أول هذا الباب ممن أبى اللعان بالحمل، وهو قول أبي حنيفة ومحمد، وقول أبي يوسف في المشهور.