24 - قوله: (ص): "ثم عن الزيادة في الصحيح على ما في الكتابين يتلقاها طالبها مما اشتمل عليه أحد المصنفات المعتمدة... " إلى أن قال: [ ص: 290 ]
"ويكفي مجرد كونها في كتب من اشترط الصحيح فيما جمعه ، وكذلك ما يوجد في الكتب المخرجة على الصحيحين: ككتاب كابن خزيمة "، انتهى. أبي عوانة
ومقتضى هذا أن يؤخذ ما يوجد في كتاب ابن خزيمة وغيرهما - ممن اشترط الصحيح - بالتسليم، وكذا ما يوجد في الكتب المخرجة على الصحيحين وفي كل ذلك نظر. وابن حبان
أما الأول: ابن خزيمة في كتابيهما أن يخرجا الصحيح الذي اجتمعت فيه الشروط وابن حبان التي ذكرها المؤلف، لأنهما ممن لا يرى التفرقة بين الصحيح والحسن، بل عندهما أن الحسن قسم من الصحيح لا قسيمه . وقد صرح فلم يلتزم بشرطه . ابن حبان
وحاصله: أن يكون راوي الحديث عدلا مشهورا بالطلب غير مدلس سمع ممن فوقه إلى أن ينتهي.
فإن كان يروي من حفظه فليكن عالما بما يحيل المعاني فلم يشترط على الاتصال والعدالة ما اشترطه المؤلف في الصحيح من وجود الضبط ومن عدم الشذوذ والعلة. وهذا وإن لم يتعرض لاشتراطه فهو إن وجده كذلك أخرجه وإلا فهو ماش على ما أصل؛ لأن وجود هذه الشروط لا ينافي ما اشترطه [ ص: 291 ] وسمى ابن حبان كتابه: "المسند الصحيح المتصل بنقل العدل عن العدل من غير قطع في السند ولا جرح في النقلة". ابن خزيمة
وهذا الشرط مثل شرط سواء؛ لأن ابن حبان تابع ابن حبان لابن خزيمة مغترف من بحره ناسج على منواله.
ومما يعضد ما ذكرنا احتجاج ابن خزيمة بأحاديث أهل الطبقة الثانية الذين يخرج وابن حبان أحاديثهم في المتابعات مسلم كابن إسحاق وأسامة بن زيد الليثي ومحمد بن عجلان ومحمد بن عمرو بن علقمة وغير هؤلاء.
فإذا تقرر ذلك عرفت أن ابن خزيمة وابن حبان صلاحية الاحتجاج بها لكونها دائرة بين الصحيح والحسن ما لم يظهر في بعضها علة قادحة. حكم الأحاديث التي في كتاب
وأما أن يكون مراد من يسميها صحيحة أنها جمعت الشروط المذكورة في حد الصحيح فلا. - والله أعلم - .
وأما الثاني: وهو ما يتعلق ففيه نظر أيضا لأن كتاب بالمستخرجات وإن سماه بعضهم مستخرجا على أبي عوانة فإن له فيه أحاديث كثيرة [ ص: 292 ] مستقلة في أثناء الأبواب (نبه هو على كثير منها، ويوجد فيها الصحيح والحسن والضعيف أيضا - والموقوف). مسلم
وأما كتاب فليس فيه أحاديث مستقلة زائدة وإنما تحصل الزيادة في أثناء بعض المتون، والحكم بصحتها متوقف على أحوال رواتها. فرب حديث أخرجه الإسماعيلي من طريق بعض أصحاب البخاري عنه مثلا فاستخرجه الزهري وساقه من طريق آخر من أصحاب الإسماعيلي بزيادة فيه وذلك الآخر ممن تكلم فيه فلا يحتج بزيادته. الزهري
وقد ذكر المؤلف بعد أن . أصحاب المستخرجات لم يلتزموا موافقة الشيخين في ألفاظ الحديث بعينها
والسبب فيه أنهم أخرجوها من غير جهة البخاري فحينئذ يتوقف الحكم بصحة الزيادة على ثبوت الصفات المشترطة في الصحيح للرواة الذين بين صاحب المستخرج وبين من اجتمع مع صاحب الأصل الذي استخرج عليه، وكلما كثرت الرواة بينه وبين من اجتمع مع صاحب الأصل فيه افتقر إلى زيادة التنقير، وكذا كلما بعد عصر المستخرج من عصر صاحب الأصل كان الإسناد كلما كثرت رجاله احتاج الناقد له إلى كثرة البحث عن أحوالهم. فإذا روى ومسلم - مثلا عن البخاري عن علي بن المديني عن سفيان بن عيينة حديثا، ورواه الزهري - مثلا عن بعض مشايخه عن [ ص: 293 ] الإسماعيلي
عن الحكم بن موسى عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي واشتمل حديث الزهري على زيادة على حديث الأوزاعي توقف الحكم بصحتها على تصريح ابن عيينة الوليد بسماعه من ، وسماع الأوزاعي من الأوزاعي ؛ لأن الزهري من المدلسين على شيوخه وعلى شيوخ شيوخه. الوليد بن مسلم
وكذا يتوقف على ثبوت صفات الصحيح لشيخ وقس على هذا جميع ما في المستخرج. الإسماعيلي
وكذا الحكم في باقي المستخرجات.
فقد رأيت بعضهم حيث يجد أصل الحديث اكتفى بإخراجه ولو لم تجتمع الشروط في رواته.
بل رأيت في مستخرج وغيره الرواية عن جماعة من الضعفاء؛ لأن أصل أبي نعيم . والله أعلم. مقصودهم بهذه المستخرجات أن يعلو إسنادهم ولم يقصدوا إخراج هذه الزيادات وإنما وقعت اتفاقا
ومن هنا يتبين أن المذهب الذي اختاره المؤلف من سد باب النظر عن التصحيح غير مرضي؛ لأنه منع الحكم بتصحيح الأسانيد التي جمعت شروط [ ص: 294 ] الصحة فأداه ذلك إلى الحكم بتصحيح ما ليس بصحيح، فكان الأولى ترك باب النظر والنقد مفتوحا، ليحكم على كل حديث بما يليق به. - والله الموفق - .