43 - قوله: (ص): وهو الظاهر من تصرف ، وإليه يومئ في تسميته كتاب الحاكم بالجامع الصحيح. الترمذي
إنما جعله يومئ إليه؛ لأن ذلك مقتضاه، وذلك أن كتاب مشتمل على الأنواع الثلاثة، لكن المقبول فيه هو الصحيح والحسن أكثر من المردود، فحكم للجميع بالصحة بمقتضى الغلبة. الترمذي
فلو كان ممن يرى التفرقة بين الصحيح والحسن لكان في حكمه ذلك مخالفا للواقع؛ لأن الصحيح الذي فيه أقل من مجموع الحسن والضعيف فلا يعتذر عنه بأنه أراد الغالب، فاقتضى توجيه كلامه أن يقال: إنه لا يرى التفرقة بين الصحيح والحسن، ليصح ما ادعاه من التسمية.
وقد وجدت في المستدرك له إثر حديث أخرجه قال: أخرجه في كتاب السنن الذي هو صحيح على شرطه. أبو داود
[ ص: 480 ] وهذا أيضا محمول على أنه أراد به عدم التفرقة بين الصحيح والحسن، ولم يعتبر الضعيف الذي فيه لقلته بالنسبة إلى النوعين.
ومن هنا أجاب بعض المتأخرين عن الإشكال الماضي وهو : "حسن صحيح" الترمذي ، أنه أراد: حسن على طريقة من يفرق بين النوعين لقصور رتبة راويه عن درجة الصحة المصطلحة، صحيح على طريقة من لا يفرق. ويرد عليه ما أوردناه فيما سبق. قول
[أكثر أهل الحديث لا يفرقون بين الحسن والصحيح:]
واعلم أن أكثر أهل الحديث لا يفردون الحسن من الصحيح، فمن ذلك ما رويناه عن شيخ الحميدي قال: الحديث الذي ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (وهو) أن يكون متصلا غير مقطوع معروف الرجال. البخاري
وروينا عن قال: محمد بن يحيى الذهلي . فهذا التعريف يشمل الصحيح والحسن معا. ولا يجوز الاحتجاج إلا بالحديث المتصل غير المنقطع الذي ليس فيه رجل مجهول ولا رجل مجروح
[ ص: 481 ] وكذا شرط ابن خزيمة في صحيحهما لم يتعرضا فيه لمزيد أمر آخر على ما ذكره وابن حبان الذهلي .