ذكر ما يستحب للإمام إذا أراد مواقعة أهل بلد من دار الحرب أن يعبئ الكتائب حتى تكون مواقعته إياهم على غير غرة
4760 - أخبرنا قال : حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال : حدثنا هدبة بن خالد القيسي عن سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني [ ص: 74 ] عبد الله بن رباح ، قال : في رمضان أنا فيهم معاوية ، وكان بعضنا يصنع لبعض الطعام ، وكان وأبو هريرة يكثر أن يدعونا على رحله ، فقلت : لو صنعت طعاما ، ثم دعوتهم إلى رحلي فأمرت بطعام ، فصنع ، ثم لقيت أبو هريرة من العشي ، فقلت : يا أبا هريرة ، الدعوة عندي الليلة ، فقال : سبقتني ، قال : فدعوتهم إلى رحلي ، إذ قال أبا هريرة ألا أحاملكم أو أحادثكم ، إني أحدثكم بحديث من حديثكم يا معشر أبو هريرة الأنصار حتى يدرك الطعام ، فذكر فتح مكة ، فقال : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل مكة ، فبعث على أحد الجنبتين وبعث الزبير على اليسرى ، وبعث خالد بن الوليد على الحسر ، فأخذوا الوادي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته ، وقد بعثت أبا عبيدة قريش أوباشا لها وأتباعا لها ، فقالوا : نقدم هؤلاء ، وإن كان لهم شيء كنا معهم ، وإن أصيبوا أعطينا ما سألوا ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني ، فقال : يا ، اهتف أبا هريرة بالأنصار ، فلا يأتيني إلا أنصاري ، فهتف بهم ، فجاءوا فأحاطوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترون إلى [ ص: 75 ] أوباش قريش ، وأتباعهم ، وضرب بيده اليمنى مما يلي الخنصر وسط اليسرى ، وقال : احصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا ، قال : فانطلقنا ، فما يشاء أحد منا أن يقتل من شاء منهم إلا قتله ، وما يوجه أحد منهم إلينا شيئا ، فقال أبو هريرة أبو سفيان : يا رسول الله أبيحت خضراء قريش ، لا قريش بعد اليوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ، فأغلقوا أبوابهم ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استلم الحجر ، وطاف بالبيت وفي يده قوس ، وهو آخذ القوس ، وكان إلى جنب البيت صنم كانوا يعبدونه ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يطعن في جنبه بالقوس ، ويقول : جاء الحق وزهق الباطل ، فلما قضى طوافه أتى الصفا ، فعلا حيث ينظر إلى البيت ، فجعل صلى الله عليه وسلم يرفع يده ، وجعل يحمد الله ويذكر ما شاء أن يذكره والأنصار تحته ، فقال بعضهم لبعض : أما الرجل فقد أدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته ، ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : وكان لا يخفى علينا إذا نزل الوحي ، ليس أحد منا ينظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بل يطرق حتى ينقضي الوحي ، فلما قضي الوحي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر أبو هريرة الأنصار ، قلتم : أما الرجل فقد أدركته رغبة في قريته ، ورأفة بعشيرته ، قالوا : قد قلنا ذاك يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلا إني [ ص: 76 ] عبد الله ورسوله ، هاجرت إلى الله وإليكم ، المحيا محياكم والممات مماتكم ، فأقبلوا يبكون ويقولون : والله ما قلنا الذي قلنا إلا ضنا بالله وبرسوله ، قال : وإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم وفدت وفود إلى .
قال رضي الله عنه : في هذا الخبر بيان واضح أن فتح أبو حاتم مكة كان عنوة لا صلحا .