[ ص: 427 ] ذكر ما يجب على المرء من مجانبة أفعال يتوقع
لمرتكبها العقوبة في العقبى بها
655 - أخبرنا حدثنا محمد بن المنذر بن سعيد عيسى بن أحمد أخبرنا أخبرنا النضر بن شميل عن عوف عن أبي رجاء العطاردي ، قال : سمرة بن جندب الفزاري : أحسب أنه قال : فإذا فيه لغط وأصوات ، فاطلعنا فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا بنهر لهيب من أسفل منهم ، فإذا أتاهم ذلك اللهب تضوضوا ، قال : قلت : ما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، قال : فانطلقنا [ ص: 429 ] على نهر حسبت أنه قال : أحمر مثل الدم ، وإذا في النهر رجل يسبح ، وإذا عند شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة ، وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ، ثم يأتي ذلك الرجل الذي جمع الحجارة ، فيفغر له فاه فيلقمه حجرا ، قال : قلت : ما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، قال : فانطلقنا ، فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء رجلا مرآه ، فإذا هو عند نار يحشها ويسعى حولها ، قال : قلت لهما : ما هذا ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقنا فأتينا على روضة فيها من كل نور الربيع ، وإذا بين ظهري الروضة رجل قائم طويل لا أكاد أرى رأسه طولا في السماء ، وأرى حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط وأحسنه ، قال : قلت لهما : ما هؤلاء ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، فانطلقنا وأتينا دوحة عظيمة لم أر دوحة قط أعظم منها ولا أحسن ، قالا لي : ارق فيها ، قال : فارتقينا فيها ، فانتهينا إلى [ ص: 430 ] مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة ، فأتينا باب المدينة ، فاستفتحنا ، ففتح لنا ، فقلنا : ما منها رجال ، شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء ، وشطر كأقبح ما أنت راء ، قال : قالا لهم : اذهبوا فقعوا في ذلك النهر ، فإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض في البياض ، فذهبوا فوقعوا فيه ، ثم رجعوا وقد ذهب ذلك السوء عنهم ، وصاروا في أحسن صورة ، قال : قالا لي : هذه جنة عدن ، وهذاك منزلك ، قال : فسما بصري صعدا ، فإذا قصر مثل الربابة البيضاء ، قال : قالا لي : هذاك منزلك ، قال : قلت لهما : بارك الله فيكما ، ذراني أدخله ، قال : قالا لي : أما الآن فلا ، وأنت داخله ، قال : فإني رأيت منذ الليلة عجبا ، فما هذا الذي رأيت ؟ قال : قالا لي : أما إنا سنخبرك . أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر ، فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه ، وينام عن الصلاة المكتوبة . عوف
وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ، ومنخره إلى قفاه ، فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة فتبلغ الآفاق .
[ ص: 431 ] وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور ، فإنهم الزناة والزواني .
وأما الرجل الذي في النهر ، فيلتقم الحجارة ، فإنه آكل الربا .
وأما الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها فإنه مالك خازن جهنم .
وأما الرجل الطويل الذي في الروضة ، فإنه إبراهيم عليه السلام .
وأما الولدان الذين حوله ، فكل مولود ولد على الفطرة .
قال : فقال بعض المسلمين : يا رسول الله وأولاد المشركين ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وأولاد المشركين .
وأما القوم الذين شطر منهم حسن ، وشطر منهم قبيح ، فهم قوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، فتجاوز الله عنهم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يقول : " هل رأى أحد من رؤيا؟ " فيقص عليه من شاء الله أن يقص ، وإنه قال لنا ذات غداة : إنه أتاني الليلة آتيان ، وإنهما ابتعثاني ، وإنهما قالا لي : انطلق ، وإني انطلقت معهما حتى أتينا على رجل مضطجع ، وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه ، فيثلغ بها رأسه ، فتدهدهه الصخرة هاهنا ، فيقوم إلى الحجر فيأخذه فما يرجع إليه - أحسبه قال : [ ص: 428 ] حتى يصح رأسه كما كان ، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى ، قال : قلت : سبحان الله ما هذان ؟ قالا لي : انطلق انطلق ، قال : فانطلقت معهما فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر عليه بكلوب من حديد ، فإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ، ومنخره إلى قفاه ، وعينه إلى قفاه ، ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول ، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح الجانب الأول كما كان ، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى ، قال : قلت : سبحان الله ، ما هذان ؟ قالا : انطلق انطلق ، فانطلقت معهما فأتينا على مثل بناء التنور - قال .