[ ص: 242 ] فصل :
[ إبطال ] : ومن الحيل الباطلة التحيل على نفس ما نهى عنه الشارع من بيع الثمرة قبل بدو صلاحها والحب قبل اشتداده ، بأن يبيعه ولا يذكر تبقيته ثم يخليه إلى وقت كماله فيصح البيع ويأخذه وقت إدراكه ، وهذا هو نفس ما نهى عنه الشارع إن لم يكن فعله بأدنى الحيل ، ووجه هذه الحيلة أن موجب العقد القطع ، فيصح وينصرف إلى موجبه ، كما لو باعها بشرط القطع ، ثم القطع حق لهما لا يعدوهما ، فإذا اتفقا على تركه جاز ، ووجه بطلان هذه الحيلة أن هذا هو الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينه للمفسدة التي يفضي إليها من التشاجر والتشاحن ، فإن الثمار تصيبها العاهات كثيرا ، فيفضي بيعها قبل كمالها إلى أكل مال المشتري بالباطل ، كما علل به صاحب الشرع ، ومن المعلوم قطعا أن هذه الحيلة لا ترفع المفسدة ، ولا تزيل بعضها ، وأيضا فإن الله وملائكته والناس قد علموا أن من اشترى الثمار وهي شيص لم يمكن أحدا أن يأكل منها ، فإنه لا يشتريها للقطع ، ولو اشتراها لهذا الغرض لكان سفها وبيعه مردود ، وكذلك الجوز والخوخ والإجاص وما أشبهها من الثمار التي لا ينتفع بها قبل إدراكها ، لا يشتريها أحد إلا بشرط التبقية ، وإن سكت عن ذكر الشرط بلسانه فهو قائم بقلبه وقلب البائع ، وفي هذا تعطيل للنص وللحكمة التي نهى الشارع لأجلها ; أما تعطيل الحكمة فظاهر ، وأما تعطيل النص فإنه إنما يحمله على ما إذا باعها بشرط التبقية لفظا ، فلو سكت عن التلفظ بذلك وهو مراده ومراد البائع جاز ، وهذا تعطيل لما دل عليه النص وإسقاط لحكمته . حيلة لتجويز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها