[ ] وأما ما يرجع إلى السامعين فأمور : أحدها : أن يكون السامع له من أهل العلم ، إذ يستحيل حصول العلم من غير متأهل له ، فلذلك لا يكون مجنونا ولا غافلا . ثانيها : أن يكون غير عالم بمدلوله ضرورة ، وإلا يلزم تحصيل الحاصل ، فلو أخبروا بأن النفي والإثبات لا يجتمعان لم يفد علما . قال شروط المتواتر التي ترجع إلى السامعين : وهذا إنما نشرطه على القول بأن العلم غير نظري . فإن قلنا : ضروري فلا يشترط ، ونازع ابن الحاجب الجزري الإمام فخر الدين في تمثيله بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ، وقال : ليس هذا من باب ما ثبت بالخبر ، وهو عجيب فإن مقصود الإمام أنه لما علمه السامع ، صار معلوما له بالضرورة بإخبار المخبرين ، كإخبار المخبرين بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ، وهو معلوم بالضرورة . ثالثها : أن يكون السامع منفكا عن اعتقاد ما يخالف الخبر إذن ; لشبهة دليل أو تقليد إمام . ذكره الشريف المرتضى ، وتبعه ، وأما إذا كان عنده شبهة مشكلة في صدق الخبر لم يفد العلم . البيضاوي
ومراد الشريف [ ص: 103 ] بذلك إثبات إمامة - رضي الله عنه - بالتواتر ، وإنما لم يحصل العلم لنا لاعتقاد متابعي النص لأجل الشبه المانعة لنا عنه ، وهذا فاسد ; لأن الشبهة لا تقوى على دفع العلوم الضرورية ، وبناه على أن حصول العلم عقب التواتر بالعادة لا بطريق التولد ، فجاز إخلافه بحسب اختلاف السامعين ، فيحصل للسامع إذا لم يكن قد اعتقد نقيض ذلك الحكم قبل ذلك ، ولا يحصل له إذا اعتقد نقيضه . علي
قال : وهو باطل بآية الاستواء والمجيء ، فإنه قد استوى في العلم بتواترها من اعتقد ظاهرها ، ومن لم يعتقد ، وقال القرطبي الهندي : هذا وإن بناه على أصله الفاسد ، ولكن لا بأس به ، وقيل : يلزم عليه أن يجوز صدق من أخبرنا بأنه لم يعلم وجود الكبار ، والحوادث العظيمة بالأخبار المتواترة ; لأجل شبهة اعتقدها في نفي تلك الأشياء وهو باطل .