[ ] ولا يشترط أن يكون فقيها عند الأكثرين سواء خالفت روايته القياس أم لا . وشرط اشتراط كون الراوي فقيها فقه الراوي عيسى بن أبان ، ولهذا رد حديث المصراة ، وتابعه أكثر متأخري الحنفية ، ومنهم لتقديم الخبر على القياس الدبوسي ، وأما وأتباعه فلم يشترطوا ذلك ، بل قبلوا خبر كل عدل إذا لم يكن مخالفا للكتاب أو السنة المشهورة ، ويقدم على القياس . قال الكرخي منهم : وإليه مال أكثر العلماء . قال صاحب " التحقيق " : وقد عمل أصحابنا بحديث أبو اليسر : { أبي هريرة } ، وإن كان مخالفا للقياس ، حتى قال إذا أكل أو شرب ناسيا : لولا الرواية لقلت بالقياس ، وقد ثبت عن أبو حنيفة أنه قال : ما جاءنا عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين . واحتج أبي حنيفة [ ص: 213 ] في مواضع كثيرة على تقدير الحيض وغيره بمذهب أبو حنيفة مقلدا له ، فما ظنك أنس بن مالك مع أنه أفقه من بأبي هريرة . قال : ولم ينقل عن أحد من أنس السلف اشتراط الفقه في الراوي ، فثبت أنه قول محدث . ا هـ .
وكذا قال بعض متأخري الحنفية ، قال : ولهذا قلنا بحديث القهقهة ، وأوجبنا الوضوء فيها ، وليست بحدث في القياس ، ولهذا لم يوجبوا ; لأن النص لم يرد إلا في صلاة ذات ركوع وسجود . الوضوء على من قهقه في صلاة الجنازة ، وسجود التلاوة قلت : والصواب أن كان من فقهاء الصحابة ، وقد أفرد أبا هريرة القاضي أبو الحسين السبكي جزءا في فتاويه ، وقال شارح البزدوي : بل كان فقيها ، ولم يعدم شيئا من آلات الاجتهاد ، وكان يفتي في زمن الصحابة ، وما كان يفتي في ذلك الزمان إلا فقيه مجتهد ، وقد انتشر عنه معظم الشريعة ، فلا وجه لرد حديثه بالقياس . ا هـ .