[ ص: 397 ] الفصل الثاني : و لا بد له من مستند ; لأن أهل الإجماع ليست لهم رتبة الاستقلال بإثبات الأحكام ، وإنما يثبتونها نظرا إلى أدلتها ومأخذها ، فوجب أن يكون عن مستند ; لأنه لو انعقد من غير مستند لاقتضى إثبات الشرع بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو باطل . وحكى فيما ينعقد عنه الإجماع إمام الحرمين في باب القراض من النهاية " عن أنه قال : الشافعي ، فلا يحكم أهل الإجماع بإجماعهم ، وإنما يصدر الإجماع عن أصل ا هـ . الإجماع إن كان حجة قاطعة سمعية
وحكى عبد الجبار عن قوم أنه يجوز أن يحصل بالبخت والمصادفة ، بأن يوفقهم الله لاختيار الصواب من غير مستند ، وهو بالخاء المعجمة من البخت ، وهو التوفيق ، وغلط صاحب التحصيل فظنه بمعنى الشبهة ، وهو فاسد ، فإن معناه : يجوز أن يحصل عن توفيق من الله جل ذكره ، بغير دليل شرعي دلهم على ذلك بأن يوفق الله للصواب بالإلهام لقوله : { } وهو ضعيف ، لا يجوز القول في دين الله تعالى بغير دليل ، وقد يترجم المسألة بأنه لا يجوز حصول الإجماع إلا عن توقيف ومستند ، وذكر ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن الآمدي أن الخلاف في الجواز لا في الوقوع ، وليس كما [ ص: 398 ] قال ، فإن الخصوم ذكروا صورا ، وادعوا وقوع الإجماع فيها من غير مستند . ثم ذلك المستند إما من جهة الكتاب كإجماعهم على أن ابن الابن كالابن في الميراث ، وإما من جهة السنة كإجماعهم على توريث كل واحد من الجدين السدس ، وعلى توريث المرأة من دية زوجها بالخبر في امرأة أشيم الضبابي ، أو الاستفاضة ، كالإجماع على أعداد الركعات ، ونصب الزكوات ، أو عن المناظرة والجدال ، كإجماعهم على قتل مانعي الزكاة ، أو عن توقيف كإجماعهم على أن الجمعة تسقط بفرض الظهر ، أو عن استدلال وقياس ، كإجماعهم على أن الجواميس في الزكاة كالبقر . قال : وكإجماعهم على خلافة الصديق ( رضي الله عنه ) بتقديم رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه في مرضه للصلاة بالناس . القفال الشاشي الصيرفي : ويستحيل أن يقع منهم الإجماع بالتواطؤ ، ولهذا كانت الصحابة لا يرضى بعضهم من بعض بذلك ، بل يتباحثون ، حتى أخرج بعضهم القول في الخلاف إلى المباهلة ، ولا يمكن اختلافهم فيما وقفوا عليه ; لأنه مذموم شرعا . قال
فثبت أن الإجماع لا يقع منهم إلا عن توقيف ، أو دليل عقله جميعهم ، لا لأن غيره قال به ، فقال معه . وجعل الماوردي ، والروياني أصل الخلاف أن وحيث قلنا : لا بد من مستند ، فلا يجب البحث عن مستندهم ، إذ قد ثبتت لهم العصمة ، ولا يحكمون إلا عن مستند صحيح ، لكنه لا يمتنع الاطلاع عليه ، [ ص: 399 ] وأكثر الإجماعات قد عرف مستندها ، وحكى الإلهام هل هو دليل أم لا ؟ الإمام في باب القياس عن ما يقتضي البحث عن المستند حيث قال : لم يعهد القراض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأول ما جرى في زمن الشافعي ، فقال عمر : لا ينعقد الشافعي ، ولو كان في القراض خير لاعتني بنقله . الإجماع بغير مستند