[ ص: 233 ] وأما فإن كانت بمعنى ( الأمارة ) فلا خلاف كما قاله تعليل الحكمين بعلة واحدة الآمدي في الجواز ، كما لو قال الشارع : جعلت طلوع الهلال أمارة على وجوب الصوم والصلاة . ومنه البلوغ والحيض علامة لأحكام عديدة . وإن فاختلفوا فيه على أقوال : ( أحدها ) وهو الصحيح - الجواز ، إذ لا يمتنع أن يكون الوصف الواحد باعثا على حكمين مختلفين ، أي مناسبا لهما بأمر مشترك بينهما ، كمناسبة الربا والشرب للحد والتحريم . و ( الثاني ) : المنع مطلقا . و ( الثالث ) : المنع إن لم يتضادا . والصحيح الأول ، فيجوز تعليل المتماثلين بالعلة الواحدة لكن في محال متعددة ، كالقتل الصادر من زيد وعمرو فإنه موجب للقصاص عليهما . وقد يعلل بهما مختلفان غير متضادين كالحيض يحرم الوطء ومس المصحف ونحوه ، وكالإحرام المانع من النكاح والصيد والطيب وأخذ الشعر والأظفار ، ذكره كانت بمعنى ( الباعث ) الأستاذ أبو إسحاق . وقد يعلل بها مختلفان متضادان بشرطين متضادين ، كالجسم يكون علة للسكون بشرط البقاء في الحيز ، وعلة الحركة بشرط الانتقال عنه . ومثله إلكيا بما يكون مبطلا لعقد مصححا لآخر : قلت : كالتأبيد في التجارة [ ص: 234 ] والبيع . قال : إلكيا : ويمتنع أن يكون لحكمين في شيء واحد في حالة واحدة ، لاستحالة حصول الحكم على هذا الوجه . ولا يمتنع كونهما علتين لحكمين مثلين في شيئين . فأما كونهما علة لحكمين مثلين في شيء واحد فمحال ، لأن الأحكام الشرعية لا يصح فيها الزائد ، وإنما تتماثل الأحكام وتعلل بعلل مختلفة في أحوال ، كقطع اليد قصاصا وسرقة فلا يمنع منه ، ولكنهما حكمان مختلفان في الآثار وإن تماثلا في الصورة والله أعلم .