الثاني : : - ما يدل على إبطال مذهب المستدل
- إما صريحا ، كقولهم : مسح الرأس ركن فلا يكفي أقل ما ينطلق عليه الاسم ، كالوجه . فيقال : فلا يتقدر بالربع ، كالوجه . - وإما بالالتزام ، كقولهم في بيع الغائب : صحيح ، كنكاح الغائب ، بجامع أن كلا عقد معاوضة ، فنقول : فلا تثبت الرؤية في بيع الغائب ، قياسا على النكاح ، بالجامع المذكور .
ومن هذا القسم : قلب التسوية ، لتضمنه التسوية بين الفرع والأصل . وهو أن يكون في الأصل حكمان واحد منهما منتف في الفرع بالاتفاق بين الخصمين ، والآخر منازع فيه ، فإذا أراد إثباته في الفرع بالقياس على الأصل اعترض بوجوب التسوية بينهما في الفرع على الأصل . فيلزم عدم ثبوته فيه ، كقولهم في طلاق المكره : مكلف مالك للطلاق فيقع طلاقه ، كالمختار ، ويلزم منه أن لا يقع طلاقه ضمنا ، ولأنه إذا ثبت المساواة بين إقراره وإيقاعه ، وإقراره غير معتبر بالاتفاق ، فيكون إيقاعه أيضا غير معتبر . كقولهم في الوضوء : طهارة بالمائع ، فلا تجب فيها النية ، كالنجاسة . فنقول : فيستوي جامدها ومائعها كالنجاسة في النية .
وفي قبول هذا النوع وجهان لأصحابنا حكاهما القاضي أبو الطيب : أحدهما : لا يقبل . واختاره والشيخ أبو إسحاق أبو القاسم بن كج . لأن القياس إنما يحتج به في الأحكام الشرعية ، والتسوية ليست من الأحكام الشرعية ، ولأن القالب يريد في الأصل غير ما يريد في الفرع ، فلا يجوز أن يؤخذ حكم الشيء من ضده واختاره القاضي والأستاذ أبو منصور وابن السمعاني وطائفة [ ص: 371 ] ممن قبل أصل القلب ، لأنه لا يمكن التصريح فيه بحكم العلة ، فإن الحاصل في الأصل نفي ، وفي الفرع إثبات .
والثاني : وحكاه إمام الحرمين عن الأستاذ أبي إسحاق ، وصححه رحمه الله الشيخ أبو إسحاق والباجي وغيرهما ، أن الشارع لو نص على ذلك فقال : أقصد التسوية بين الإقرار والإيقاع كان صحيحا . وكل ما جاز أن ينص عليه جاز أن يستنبط ويعلق عليه الحكم .
وجوابه : إما بإمكان صحة القلب أو بالكلام عليه بما يتكلم على العلل المبتدأة فنقول : التسوية بين المائع والجامد لا تصح بالإجماع . ألا ترى أن عندك المائع في الوضوء لا يفتقر إلى تعيين النية ، فلا يمكن التسوية بينهما .
وقيل : من أجوبته : أن يقول : هذا الحكم الذي ذكرته مصرح به ، والذي عارضتني به غير مصرح به ، والمصرح به أولى من غيره وهذا باطل ، لأن حكمهما واحد .