فروع بلا خلاف ، وهو من التكليف عند المندوب حسن القاضي خلافا لإمام الحرمين ، وهو مبني على تفسير التكليف ، وسيأتي ، ولا يجب بالشروع خلافا لأبي حنيفة ، وإلا لناقض أصل ندبيته ، وأما وجوب إتمام الحج فلاختصاصه بأن فرضه كنفله نية وكفارة [ ص: 385 ] وغيرهما ، ومنهم من جعلها مفرعة على مسألة ومالك ، وهو أن ما جاز تركه لا يكون فعله واجبا ، والحق : خلافه ; لأن مسألة الكعبي ما يجوز تركه ، والقائل بالوجوب هنا لا يجوز الترك ، فلا يصح تفريعها عليها . الكعبي
قال ابن المنير : ووقع لي مأخذ لطيف في أن الشرع يلزم أن الصوم والصلاة ونحوهما عبادات لا تقبل التجزئة ، فلو ركع إنسان ، فترك السجود لم يكن متعبدا ألبتة ، فإذا شرع فيما لا يتجزأ وجب عليه الإتمام ، ويكون التقويم على معتق البعض أصلا في هذا ، فإن حاصله إيجاب الإتمام على من شرع ويكون نظير عتق مشكل في العبادات من حيث قبل التجزئة ابتداء واستقرت فيه التنفل على الراحلة لضرورة السفر ، فإنه يقتصر على بعض الأركان ، وينتقل من الإتمام إلى الإيماء . لمالك قلت : وهو يرجع لمناسبة متدافعة كما ترى . وقال : من احتج على المنع بقوله تعالى : { ابن عبد البر ولا تبطلوا أعمالكم } فإنه جاهل بأقوال العلماء فإنهم اختلفوا فيها على قولين : فأكثرهم قالوا : لا تبطلوها بالرياء وأخلصوها ، وهم أهل السنة ، وقيل : لا تبطلوها بالكبائر ، وهو قول المعتزلة ، وقد يقال : اللفظ [ ص: 386 ] عام فهو متناول لذلك ، ولا يجب إلا بالنذر .
وفي " الاستذكار " للدارمي في باب الاعتكاف : إذا دخل في عمل تطوع ، ثم نواه واجبا فحكى أبو حامد أن المروزي قال : يجب ، وقال غيره : لا يجب . وهل يجب بأمر الإمام ؟ ينظر فإن كان من الشعائر الظاهرة وجب كما لو أمرهم بالاستسقاء في الجدب تجب طاعته ، وإن لم يكن من الشعائر الظاهرة لا يجب كما لو أمرهم بالعتق وصدقة التطوع . وأفتى النووي بأنه إذا أمرهم بصيام ثلاثة أيام من الاستسقاء وجب امتثال أمره ، وتوقف فيه بعضهم ; لأنه ليس من الشعائر الظاهرة ، فهو يشبه أمره بالصدقة ، وذكروا في السير : أن الإمام يأمرهم بصلاة العيد ، وهل هو واجب أو مستحب ؟ فيه وجهان . قال في " الروضة " : قلت : الصحيح وجوب الأمر ، وإن قلنا : صلاة العيد سنة ; لأن الأمر بالمعروف والطاعة لا سيما ما كان شعارا ظاهرا . ويجوز أن يكون بعض المندوب آكد من بعض ، ولهذا يقولون : سنة مؤكدة ، ولا يجيء فيه الخلاف السابق في الواجب كما اقتضاه كلام القاضي وغيره ، والمراد تفاصيل الأجور والثواب ، وإن تساوت في الترك . وقسم الفقهاء السنن إلى أبعاض وهيئات فخصوا ما تأكد أمره باسم البعض كأنه لتأكده صار كالجزء ، وهو اصطلاح خاص . [ ص: 387 ]
وقال ابن دقيق العيد في " شرح الإلمام " : لا خفاء أن ، وانقسام ذلك إلى درجة عالية ومتوسطة ، ونازلة وذلك بحسب الدلائل الدالة على الطلب ، فمن الناس من قال : لا فرق بينهما ، وهي طريقة الشافعية إلا أنهم ربما فرقوا بلفظ الهيئات . قال : وأما التفرقة بين السنن والفضائل كما يفعله المالكية فلم أره إلا في كلام صاحب " الذخائر " فإنه حكى وجهين في أن غسل الكف من سنن الوضوء أو من فضائله . مراتب السنن متفاوتة في التأكيد