مسألة [ ] إذا قلنا في أمر من الأمور : إن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ، فلنا في معرفته ثلاث طرق : الأول : أن ينقل إلينا أنه فعله تواترا أو آحادا ، كفعل طرق إثبات فعله صلى الله عليه وسلم التكبير عند التحرم ، فإنه منقول أنه واجب علينا ; لأنه عليه السلام فعل ذلك ، وكل ما فعله وجب علينا فعله . الثاني : أن نقول هذا الفعل أفضل بالإجماع ، وأفضل الخلق لا يواظب على ترك الأفضل ، فيلزم أن يواظب على الأفضل ، وكقولنا : الوضوء المرتب المنوي أفضل بالإجماع ، والعلم الضروري حاصل بأن أفضل الخلق لا يواظب على ترك الأفضل ، فثبت إتيانه به ، فوجب أن يجب علينا مثله . الثالث : أنه صلى الله عليه وسلم لو ترك النية والترتيب ، لوجب علينا تركه ; لدليل الاقتداء به ; لأن المتابعة كما تكون في الأفعال تكون في التروك ، ولما لم يجب علينا تركه ، ثبت أنه ما تركه ، بفعله ، وحينئذ فنقول : { والطمأنينة في الركوع ، والسجود ، والاعتدال النبي صلى الله عليه وسلم واظب على التكبير والتحيات } ، فإن دل دليل من إجماع أو نص على عدم وجوبها ، حكمنا به ، ويكون تخصيص عموم ، وإلا فهي واجبة ، لكن لا نطمع بالإجماع لمخالفة وغيره ، ولا يفيد القياس ، كقولهم : القيام هيئة معتادة ، ولا تتميز العادة فيه من العبادة ، إلا بسبب ما فيه من القراءة ، [ ص: 42 ] فلا جرم كانت واجية أعني القراءة لا غير ، وأما الركوع والسجود فهاهنا مخالفة للعادة ، فلم يكن لكونها عبادة حاجة إلى الذكر ، فلا تجب التسبيحات ، فهذه ضعيفة في مقابلة ما ذكرنا من الدليل . أحمد