الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المطلب الرابع

        تعارض الشهادة والإقرار

        والحكم فيها مختلف باختلاف الوارث المقر، فإن كان المقر اثنين عدلين وشهدا أن أباهما أوصى بالثلث لفلان، وشهدت البينة لشخص آخر أنه أوصى له بالثلث، فإنه يعمل بالحجتين معا، ويقسم بينهما إذا كان ذلك في موطنين مختلفين; لإمكان كونه وصى به مرتين.

        وإن كان في موطن واحد، فهو تكاذب يحكم بأعدل البينتين، وإن كان المردود شهادتهما الوارثين الولدين لم يكن للمقر له الرجوع عليهما بشيء.

        واختلف إذا كانت البينتان متكافئتين: فقال ابن القاسم: يسقطان ويصدق الورثة لمن أقروا له.

        وقيل: يحلفان ويقسم بينهما.

        ومنشأ الخلاف بينهما هنا: هو الخلاف المشهور فيمن ادعى شيئا بيد رجل ثالث، وتكافأت البينتان، لمن يقضى به؟ فمن قال: يقضى به لمن هو في يده، أو لمن يقر له به، قال: يقضى به هنا لمن أقر به الورثة; لأنه في أيديهم، وقد أقروا به لمن شهدوا له به.

        ومن قال: لا يكون لمن هو في يده لاتفاق البينتين على أنه ليس له، [ ص: 429 ] وأنهما يحلفان ويقسم بينهما، قال هنا: يحلفان ويقسم بينهما; لاتفاق البينتين على إخراجه من مال الميت.

        وكذلك اختلف إذا شهد الوارثان بالوصية لشخص بمعين يساوي الثلث، وشهد أجنبيان بوصيته بالثلث لشخص آخر، والوارثان غير عدلين، أو يتهمان.

        فقال ابن القاسم: يخرج الثلث بشهادة الأجنبيين، ويلزم الوارثين دفع المعين للموصى له به، بإقرارهما أنه له.

        وقال أشهب: يلزمهما ثلثه فقط مؤاخذة لهم بإقرارهما في الباقي، واعتبار الثلث المقضي به بشهادة البينة، كأنه جائحة أصابت المال.

        وقال الحنفية : ولو أقر الوارث أن أباه أوصى بالثلث لفلان، وشهدت الشهود أنه أوصى بالثلث الآخر كان الثلث كله للمشهود له، ولا يكون للذي أقر له الوارث.

        وقال الحنابلة : إن كان المقر ليس بعدل، أو كان امرأة فالثلث لمن شهدت له البينة ; لأن وصيته ثابتة، ولم تثبت وصية من أقر له الوارث.

        وإن كان الوارث المقر رجلا عاقلا عدلا ، وشهد بالوصية بالثلث لفلان، وأقام غيره شاهدين أنه أوصى له به، فإن المقر له يحلف مع شهادة الوارث العدل، ويشترك مع من شهدت له البينة بالثلث، بناء على ثبوت الوصية بالشاهد واليمين أخذا بحديث أنه -صلى الله عليه وسلم-: قضى بالشاهد واليمين .

        واختلف: إذا شهد عدلان لشخص بثلث، وشهد عدل آخر لشخص ثان بثلث.

        [ ص: 430 ] فقيل: يتعارضان، فيحلف الثاني مع شاهده، ويقسم الثلث بينهما ; لأن الشاهد واليمين حجة في الأموال.

        وقيل: تقدم شهادة العدلين على شهادة العدل، ويقضى بالثلث لمن شهدا له، والله أعلم.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية