[ ص: 493 ] المبحث السابع
المبطل السابع: غلط الموصي في تحديد مقدار الوصية
إذا غلط الموصي في وصيته، بأن أوصى بثلث ماله لآخر، وظن أن ثلثه خمسة آلاف ريال مثلا، إلا أنه بعد إحصاء ماله تبين أن ثلثه يزيد عن ذلك، فكان ستة آلاف ريال مثلا، فهل هذا يعتبر رجوعا، وتكون الوصية بذلك باطلة، أم لا؟ ذهب الحنفية : إلى أن ذلك لا يعتبر رجوعا في الوصية.
قال الكاساني في بدائع الصنائع: « روى بشر عن -رحمه الله- تعالى في رجل أوصى بثلث ماله لرجل مسمى، وأخبر الموصي أن ثلث ماله ألف، أو قال: هو هذا، فإذا ثلث ماله أكثر من ألف، فإن أبي يوسف -رحمه الله- قال: إن له الثلث من جميع ماله، والتسمية التي سمى باطلة، لا ينقض الوصية خطؤه في ماله، إنما غلط في الحساب، ولا يكون رجوعا في الوصية، (وهذا ) قول أبا حنيفة -رحمه الله-. أبي يوسف
والأدلة على ذلك:
1 - أن الموصي لما أوصى بمقدار معين - كالثلث مثلا - فقد أتى بوصية صحيحة; لأن صحة الوصية لا تقف على بيان مقدرا الموصى به، فوقعت [ ص: 494 ] الوصية صحيحة بدونه ، ثم بين المقدار وغلط فيه، والغلط في قدر الموصى به لا يقدح في أصل الوصية، فبقيت الوصية متعلقة بثلث جميع المال.
2 - أن هذا الكلام الأخير من الموصي يحتمل أن يكون رجوعا عن الزيادة على القدر المذكور، ويحتمل أن يكون غلطا، فوقع الشك في بطلان الوصية، فلا تبطل مع الشك; لأن القاعدة المقررة: أن الثابت بيقين لا يزول بالشك.