الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بما يلي:
1- قوله تعالى: وإن تخالطوهم فإخوانكم
وجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى لما أذن للناس بمخالطة الأيتام مع قصد [ ص: 254 ] الإصلاح بالنظر لهم وفيهم كان ذلك دليلا على جواز التصرف للأيتام، كما يتصرف للأبناء.
قال «إذا كفل الرجل اليتيم وحازه وكان في نظره، جاز عليه فعله كما قدمناه، وإن لم يقدمه وال عليه; لأن الآية مطلقة، ولأن الكفالة ولاية عامة». ابن العربي:
2- قوله تعالى: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله
3- أنه لم يرد نص بقصر الولاية على الجد، أو الوصي، أو الحاكم.
4- أنه لم ينقل أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخلفاءه من بعده انتزعوا أموال اليتامى والقصر من إخوانهم أو أعمامهم".
5- أن فيهم من الشفقة والعطف ما ليس في غيرهم من الأجانب.
أدلة القول الثاني:
1- أن الوصي نائبه أشبه الوكيل.
2- أنه إذا لم يكن وصي تثبت الولاية على مال اليتيم للحاكم; لأن فتكون للحاكم لأنه ولي من لا ولي له، ولا ولاية للجد؛ لأنه لا يدني بنفسه، وإنما يدني بالأب فهو كالأخ. الولاية انقطعت من جهة الأب،
3- أن ما سوى هؤلاء لا تثبت لهم الولاية; لأن المال محل الخيانة، ومن سواهم قاصر الشفقة غير مأمون على المال، فلم يله كالأجنبي.
[ ص: 255 ] واستدل أصحاب القول الثالث:
1- إن مبنى الولاية على الشفقة، وشفقة الأب فوق شفقة الكل، وشفقة وصيه فوق شفقة الجد; لأنه مرضي الأب ومختاره، فكان خلف الأب في الشفقة، وشفقة الجد فوق شفقة القاضي; لأن شفقته تنشأ عن القرابة والقاضي أجنبي، وشفقة القريب على قريبه فوق شفقة الأجنبي.
2- أن ولاية الوصي هي ولاية الأب من حيث المعنى; لأنه هو الذي رضيه واختاره.
3- أن القاضي أمين في النظر لمصالح المسلمين، فكان له ذلك أن يكون وليا كما جاء في الحديث: «السلطان ولي من لا ولي له» إلا أنه في الشفقة دون الأب أو الجد، فجاء هو ووصيه دونهما، وبعد وصي كل منهما.
واستدل أصحاب القول الرابع بما يلي:
1- أنها ولاية في حق الصغير، فقدم الأب والجد كولاية النكاح.
2- أن الوصي نائب عنهما فكان عقبهما.
3- أن الولاية من جهة القرابة سقطت فثبتت للسلطان، كولاية النكاح.
(318) 4- ما رواه حدثنا أحمد: قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرني ابن جريج، أن سليمان بن موسى أخبره أن ابن شهاب أخبره أن [ ص: 256 ] عروة -رضي الله عنها- أخبرته أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: عائشة «أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها، فنكاحها باطل -ثلاثا- ولها مهرها بما أصاب منها، فإن اشتجروا، فإن السلطان ولي من لا ولي له».
[ ص: 257 ] فهو وإن جاء في معرض النكاح إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
[ ص: 258 ]