سئل الشيخ محمد بن إبراهيم عن دعاوي في أوقاف لم يكن لها وثائق من الناس ببعض القرى التي نهبت في آخر القرن الثالث عشر، وإنما بقي عندهم الولاية في الأملاك والأوقاف، فإذا حصل بينهم نزاع في الأوقاف وليس هناك نص واقف هل يكون حكمها حكم الوقف المنقطع الآخر، أم لا، وهل يجب يمين على المدعى عليه والأمر مشتهر أن الأوراق ضلت منه؟
فأجاب: قال في «الإنصاف» عند قول «المقنع» : وهل يدخل فيه ولد [ ص: 156 ] البنت، فذكر كلاما طويلا، ثم قال: «فوائد» إلى أن قال: الرابعة: قال في «التلخيص» : فإن لم يعرف جعل كوقف مطلق لم يذكر مصرفه، انتهى، وقال في «الكافي» : لو اختلف أرباب الوقف فيه رجع إلى الواقف، فإن لم يكن تساووا فيه; لأن الشركة تثبت ولم يثبت التفضيل فوجب التسوية، كما لو شرك بينهم بلفظه، انتهى. إذا جهل شرط الواقف وتعذر العثور عليه قسم على أربابه بالسوية،
وقال الحارثي: «إن تعذر الوقف على شرط الواقف وأمكن التأنس بصرف من تقدم ممن يوثق به رجع إليه; لأنه أرجح مما عداه، والظاهر صحة تصرفه ووقوعه على الوقف» .
انتهى.
فقد عرفت منه: أنه إذا كان الوقف في يد ثقة يصرفه مصرفا معينا في مثل هذه المسألة أنه يعمل بذلك، وأنه إذا لم يكن شيء من ذلك يصير حكمه كالوقف المنقطع، هذا إذا جهل أصل المصرف، وأما إن علم أصله، لكن جهل شرط الواقف أو التقديم أو التأخير أو التفضيل ونحو ذلك، فهذا يستأنس فيه بصرف الثقة الذي هو بيده ويعلمه كما تقدم، فإن لم يكن فيقسم بين أهل الجهة بالسوية كما تقدم.
والله أعلم.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: «القاعدة التاسعة: العرف والعادة يرجع إليه في كل حكم حكم به الشارع ولم يحده...ومن فروعها: أن . [ ص: 157 ] الأوقاف يرجع في مصارفها إلى شروط الواقفين التي لا تخالف الشرع، فإن جهل شرط الموقف رجع في ذلك إلى العادة والعرف الخاص، ثم إلى العرف العام في صرفها في طرقها»