المطلب الثالث: وصية الحربي، والمستأمن، والمعاهد
تصح وصية هؤلاء باتفاق الأئمة في الجملة;
(164) لما روى البخاري من طريق ومسلم ، عن نافع رضي الله عنهما: ابن عمر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، قال: "فأوف بنذرك" عمر . أن
فإذا صح منه إيجاب الاعتكاف، فكذا الوصية.
لأن الكفر لا ينافي أهلية التمليك، ولأنه يصح بيعه وهبته، فكذا وصيته.
فتصح لحربي مثله، سواء كان مستأمنا أو غير مستأمن.
والحربي: هو الذي بين المسلمين وبين قومه حرب، لا عهد بين المسلمين وبينهم.
والمعاهد: من بينه وبين المسلمين عهد.
والمستأمن: من دخل بلاد الإسلام بأمان.
قال : "وكذلك ابن رشد تصح عندهم إذا لم يوص بمحرم". وصية الكافر
[ ص: 397 ] وقال الحنفية : إذا أوصى وهو في دار الحرب ثم أسلم أهلها، أو صاروا أهل ذمة صحت وصيته، وتنفذ إذا كانت قائمة العين لم تستهلك، وإن استهلكت لا يقضى بها.
جاء في الأصل: "فإذا أسلموا أو صاروا ذمة قدرنا على التنفيذ فننفذها ما دام الموصى به قائما، فأما إذا صار مستهلكا أبطلنا الوصية، وألحقناها بالعدم; لأن أهل الحرب إذا أسلموا، أو صاروا ذمة لا يؤاخذون بما استهلك بعضهم على بعض".
وأطلق المالكية القول بجواز وصية الكافر، ولم يفرقوا بين الحربي والذمي والمستأمن.
وقال الشافعية : تصح وصيته إذا كان ماله في بلد الإسلام بأمان، ولا تصح إذا كان ماله في بلد الحرب، وبقي فيها، لأنه يتعذر تنفيذها.
وعند : تصح وصيته لغير مسلم، ولو بمحرم، خلافا لجمهور أهل العلم، فلا تصح وصيته بمحرم. أبي حنيفة
وتصح لمسلم ما لم يوص بما يحرم الانتفاع به كالخمر.
وحجته: أن المحرم لا يجوز للمسلم.
وإذا أوصى حال وجوده في بلاد الإسلام، فإن وصيته يتبع بها ما هو معلوم به عندهم.