الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        الجامع لأحكام الوقف والهبات والوصايا

        خالد المشيقح - أ.د/ خالد بن علي بن محمد المشيقح

        صفحة جزء
        المطلب الرابع: الغلة قبل وجود الموصى له

        بالنسبة للغلة قبل وجود أي واحد من الموصى لهم في الوصايا التي تعم الموجود فللورثة.

        وأما بالنسبة للغلة بعد وجود أول موص له من الموصى لهم ، فإن فيها للمالكية قولين:

        القول الأول: أنها توقف كلها حتى يحصر الموصى لهم، فتقسم عليهم.

        القول الثاني: أنها لا توقف، وتسلم لأول مستحق لها، يأخذها وحده، فإذا ولد آخر شاركه في الغلة المستقبلية، وهكذا كلما ولد ولد جديد يدخل في الغلة المستقبلية إلى أن يحصل اليأس من ولادة غيره فتقسم الرقبة بينهم، وهذا هو الراجح في المذهب المالكي.

        وفي حالة احتياج الموصى به إلى الإصلاح فيصلح من غلته، ويقدم الإصلاح على الموصى لهم، وقد اختلف متأخرو المالكية في مسائل ذات صلة بغلة الموصى به الموجود، وهي:

        1 - إذا وجد أحد الموصى لهم عند موت الموصي أو بعده، ثم مات ولم يولد غيره ، فذهب جماعة بعودة الغلة إلى ورثة الموصي، كما كانت لهم قبل وجود أي واحد من الموصى لهم؛ بناء على الراجح والمعمول به من أن [ ص: 417 ] الغلة للورثة قبل وجود الموصى له، لا فرق بين العدم السابق والعدم اللاحق.

        وذهب آخرون: إلى أن الغلة تكون لورثة الموصى له الميت، وتورث عنه، ولا تعود لورثة الموصي; لكون الوصية صارت نهائية بعد وجود بعض الموصى لهم.

        حجة القول الأول:

        1 - أن هذه الوصية لها حكم الحبس قبل انحصار الموصى لهم، والمحبس عليه ينقطع حقه في الحبس بموته، ولا يورث عنه.

        2 - أن الملك للورثة قبل الانحصار، فتكون الغلة لهم إذا لم يوجد مصرف.

        وحجة القول الثاني: أن الغلة للموصى له بعد وجوده حيا بعد موت الموصي، ومن مات عن حق انتقل لورثته.

        الأمر الثاني: إذا مات بعض الموصى لهم، وبقي بعضهم حيا، فللعلماء قولان:

        القول الأول: أن الغلة تكون للحي.

        وهو المشهور عن المالكية ; لانقطاع حق الميت بموته.

        القول الثاني: أن الغلة تكون لورثة الميت; لأنها حق يورث عنه.

        الأمر الثالث: إذا شرط الموصي وقف الغلة حتى ينحصر الموصى لهم، فللعلماء قولان في صحة الشرط:

        القول الأول: صحة الشرط، ووقف الغلة إلى وقت اليأس.

        [ ص: 418 ] وحجته:

        1 - قوله تعالى: فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه

        (169) 2 - وقال البخاري : وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم" .

        3 - أن ألفاظ الموصي كألفاظ الشارع في وجوب التقيد بها.

        القول الثاني: بطلان الشرط، وتقسم وتعطى الغلة للموجود من الموصى لهم، فإن لم يوجد أحد فتعطى لورثة الموصي.

        وبه قال بعض المالكية .

        والراجح: هو القول الأول; لقوة دليله.

        الأمر الرابع: وقت استحقاق الموصى له الغلة إذا كانت ثمرة ، للعلماء ثلاثة أقوال:

        القول الأول: أنه يستحقها بالتلقيح.

        القول الثاني: أنه يستحقها ببدو الصلاح وطيب الأكل.

        القول الثالث: أنه لا يستحقها إلا بالقسم، وسيأتي بيان حكم هذه المسألة مع أدلتها في مبحث نماء الموصى به.

        * * *

        [ ص: 419 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية