[ ص: 38 ] المسألة الثانية: الوصية بما يستعان به على الباطل:
باتفاق الفقهاء لا تجوز هذه الوصية، مثل: الوصية في آلات اللهو، وشرب الخمر، وكتب البدع، وكتب التوراة والإنجيل.
قال « واتفقوا أن الوصية بالمعاصي لا تجوز، وأن الوصية بالبر، وبما ليس برا، ولا معصية، ولا تضييعا للمال جائزة » . ابن حزم:
وفي مطالب أولي النهى: « ولا تحل وصية في معصية - لا من مسلم ولا من كافر - كمن أوصى ببنيان كنيسة أو نحو ذلك; لقول الله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
وقوله تعالى: وأن احكم بينهم بما أنزل الله فمن تركهم ينفذون خلاف حكم الإسلام، وهو قادر على منعهم، فقد أعانهم على الإثم والعدوان.
ولا تصح الوصية بمحرم (كطبل لهو وطنبور ومزمار ) وعود لهو، وكذا آلات اللهو كلها كرباب وقانون ونحوه، ولو لم يكن فيها أوتار; لأنها مهيئة لفعل المعصية، أشبه ما لو كانت بأوتارها.
(ويتجه ) بـ (احتمال ) قوي (الصحة) ; أي: صحة الوصية بجميع ما ذكر من آلات اللهو المحرمة إن كانت من جوهر نفيس ينتفع بكسره كالذهب والفضة، نظرا إلى الانتفاع بجوهرهما، أو كانت مكفتة بالذهب أو الفضة [ ص: 39 ] (قياسا على أواني نقد ) ; لأنها تكسر وتباع، فينتفع بثمنها من غير نظر إلى جهة التحريم، وهو اتجاه حسن، وقياس مستحسن » .
ودليلهم:
1 - لأن الوصية بمحرم إعانة عليها ، ولا يجوز التعاون على المعصية إجماعا; لقوله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان .
2 - ولأن الوصية شرعت للتقرب إلى الله تعالى، وهو لا يتقرب إليه بمعصية، كما قال سبحانه وتعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد .
(200 ) ولما روى من طريق مسلم أبي حازم، عن -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أبي هريرة . إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا
(201 ) ولما رواه من طريق أبي صالح، البخاري من طريق ومسلم عن سعيد بن يسار، -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أبي هريرة . ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل
[ ص: 40 ] (202 ) وما رواه من طريق مسلم عن مصعب بن سعد، رضي الله عنهما ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ابن عمر . لا تقبل صلاة من غير طهور، ولا صدقة من غلول