الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      تخفيف السين من (تساءلون) على حذف إحدى التاءين، والتشديد على الإدغام .

                                                                                                                                                                                                                                      ونصب (الأرحام) على العطف على اسم الله عز وجل، أو على موضع (به) ; كقولك: (مررت بزيد وعمرا) ، والتقدير في (الأول) : (واتقوا الله واتقوا الأرحام أن تقطعوها) ، وفي الثاني: (واتقوا الله الذي تذكرونه عند مهماتكم وتذكرون الأرحام) .

                                                                                                                                                                                                                                      وجر (الأرحام) يكون على العطف على المضمر المخفوض، وفيه قبح، ومثله قوله: [من الطويل]. [ ص: 213 ]


                                                                                                                                                                                                                                      تعلق في مثل السواري سيوفنا وما بينها والكعب غوط نفانف

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن جرها على القسم; على معنى: ورب الأرحام، أو على أن الله تعالى أقسم بالأرحام كما يقسم بمخلوقاته الدالة على وحدانيته وقدرته.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن رفع; فهو ابتداء، والخبر محذوف، والمعنى: والأرحام مما يجب أن تتقوه.

                                                                                                                                                                                                                                      [وفتح الحاء وضمها في (الحوب) يحتمل أن يكونا لغتين، ويحتمل أن يكون (الحوب) جمع (حوبة) .

                                                                                                                                                                                                                                      وفتح التاء من (تقسطوا) على معنى: تجوروا، و (لا) زائدة، والمعنى:

                                                                                                                                                                                                                                      (إن خفتم أن تقسطوا) ، ومن ضم التاء; فمعناه: (تعدلوا) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 214 ] (مثنى وثلاث ورباع) : (مثنى) : في موضع نصب على البدل من (ما) ، ولم تنصرف هذه الأسماء; لأنها معدولة عن اثنتين اثنتين، وثلاث ثلاث، وأربع أربع; فهو دال على التكرير، ومعدول عن مؤنث; لأن العدد مؤنث.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : لم ينصرف; لأنه معدول عن الإضافة، وفيه تقدير دخول الألف واللام، وأجاز صرفه في العدد على أنه نكرة.

                                                                                                                                                                                                                                      الأخفش : إن سميت به; صرفته في المعرفة والنكرة; لأنه قد زال عنه العدل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: لم ينصرف، لأنه معدول عن لفظه وعن معناه، [وقيل: لأنه معدول وصفة]، وقيل: لأنه معدول وجمع، وقيل: لأنه معدول، ولأنه عدل على غير أصل العدل; لأن أصل العدل للمعارف، وهذا نكرة بعد العدل.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو عند الكوفيين: اسم معرفة بمنزلة: ( عمر ) ، فإذا سموا به رجلا;جرى مجرى ( عمر ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (وربع) ; فهو مقصور من (رباع) استخفافا، [كما قال: [من الرجز]


                                                                                                                                                                                                                                      أقبل سيل جاء من عند الله


                                                                                                                                                                                                                                      يحرد حرد الجنة المغلة

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 215 ] وكما قال: (إلا عرادا عردا ، وصليانا بردا) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومثله كثير].

                                                                                                                                                                                                                                      (فواحدة) : من نصب; فعلى معنى: (فانكحوا واحدة) ، ومن رفع; فعلى تقدير: (فواحدة تكفي) ، و (ما) : معطوفة عليها على التقديرين.

                                                                                                                                                                                                                                      (ألا تعولوا) : موضع (أن) نصب، على تقدير: (إلى ألا تعولوا) .

                                                                                                                                                                                                                                      وما تقدم ذكره في: (صدقاتهن) لغات.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 216 ] (نحلة) منصوب; لأنه مصدر في موضع الحال.

                                                                                                                                                                                                                                      و (نفسا) من قوله: (فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا) : تمييز، ولا يجوز تقديمه عند سيبويه ، وأجازه المازني والمبرد إذا كان العامل متصرفا.

                                                                                                                                                                                                                                      (هنيئا مريئا) : حالان من (الهاء) في (فكلوه) .

                                                                                                                                                                                                                                      (قيما) بغير ألف: جمع (قيمة) ; مثل: (ديمة وديم) ، ودليل كونه جمعا اعتلاله، ولو كان مصدرا; لم يعتل، كما لم يعتل (الحول) وشبهه، والمعنى على هذا: (التي جعل الله لكم قيمة لما تتبايعونه) .

                                                                                                                                                                                                                                      و (قياما) : مصدر (قام) ، أو اسم من (أقام الشيء) ، ويجوز: (قواما)من قولهم: (هذا قوام الشيء) ; أي: ملاكه، وقد قرئ به، وهو خلاف المرسوم، وجاز ذلك فيه، وهو لا يجوز في (صيام) ; لأنه لم يجر في (صمت) إلا مصدرا، وجرى في (قمت) اسما ومصدرا، وقيل: هو مصدر على (قاومه قواما) ; مثل: (جاوره جوارا) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 217 ] (أن يكبروا) : (أن) : نصب بقوله: (بدارا) .

                                                                                                                                                                                                                                      (نصيبا مفروضا) : حال عند الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو اسم في موضع المصدر; كقولك: (قسما واجبا) .

                                                                                                                                                                                                                                      (ذرية ضعافا) ، و (ضعفاء) : جمع ضعيف; كـ (ظريف) ، و (ظراف) ، و (ظرفاء) .

                                                                                                                                                                                                                                      (وإن كانت واحدة) : الرفع على معنى: (وإن وقعت واحدة) ، والنصب على تقدير: (وإن كانت المتروكة واحدة) .

                                                                                                                                                                                                                                      وإسكان أوسط (السدس) وما ذكر معه: تخفيف.

                                                                                                                                                                                                                                      (لكل واحد منهما السدس) : بدل من قوله: (ولأبويه) ، متعلق بما يتعلق به (لأبويه) على وجه البدل، ومن رفع بالظرف; ارتفع (السدس) بقوله:

                                                                                                                                                                                                                                      (لكل واحد منهما) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (مما ترك) : حال من (السدس) ، والعامل فيها قوله: (لكل واحد منهما) ، ولا يعمل فيها (ولأبويه) .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يصلح تعلق (لأبويه) بقوله: (لكل واحد منهما) ; لأنك لو قدرت [ ص: 218 ] الكلام: (لكل واحد منهما لأبويه) ; لم يكن مستقيما.

                                                                                                                                                                                                                                      وكسر الهمزة من (أم) و (أمهات) إذا انكسر ما قبلها إتباع; لثقلها، وخصت بذلك همزة (أم) ; لكثرتها في الكلام، وفتح ميم (إمهات) هو الأصل، وكسر الميم فيها إتباع أيضا، ولا يكون ذلك إلا بسماع، لا بقياس.

                                                                                                                                                                                                                                      (وإن كان رجل يورث كلالة) : من فتح الراء; فالتقدير: (يورث وراثة كلالة) ، فـ (الكلالة) : المال، وهي نعت لمصدر محذوف، ويجوز أن تكون (الكلالة) اسما للورثة، وهي خبر (كان) ; فالتقدير: (ذا كلالة) .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون (كان) بمعنى: (وقع) ، و (يورث) : نعت لـ(رجل) ، و (رجل) : رفع بـ(كان) ، وانتصاب (كلالة) على التفسير.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هو مصدر وقع موقع الحال، التقدير: وإن كان رجل يورث متكلل النسب.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (يورث) ، أو (يورث) ; احتمل أن تكون (كان) بمعنى: (وقع) ، و (كلالة) : مفعولة، واحتمل أن يقدر حذف المفعولين، [ ص: 219 ] التقدير: (يورث وارثه ماله كلالة) ، ويكون نصب (كلالة) على التفسير، أو الحال، على أن (الكلالة) هو الميت، ويحتمل أن ينتصب على أنه نعت لمصدر محذوف، التقدير: (يورث وارثه ماله وراثة كلالة) ، على أن تكون (الكلالة) المال الذي لا يرثه ولد ولا والد.

                                                                                                                                                                                                                                      ويحتمل أن يكون خبر (كان) ، على تقدير حذف المضاف، كما تقدم في القراءة الأولى، التقدير: (وإن كان رجل ذا كلالة، يورث ماله ورثته) .

                                                                                                                                                                                                                                      وتشديد الخاء في (الأخ) [النساء: 23] بعيد، وقد يجوز أن يكون جعل التضعيف عوضا من المحذوف من (الأخ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأصل (أخت) : أخوة، وكذلك أصل (بنت) : بنوة، نقلا من (فعل) إلى (فعل) و (فعل) ، وألحقا ببناء (قفل) و (حلس) ، وليست التاء فيهما بعلامة تأنيث.

                                                                                                                                                                                                                                      قال سيبويه : لو سميت بهما رجلا; لصرفتهما معرفة، ولو كانت التاء للتأنيث; لما انصرف الاسم.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله في موضع آخر: (إنهما علامتا تأنيث) ; على التجوز، لا على [ ص: 220 ] الحقيقة; وذلك لأن التاء لما كانت لا تبدل فيهما من الواو إلا في المؤنث; صارتا كأنهما علامتا تأنيث، وعلامة التأنيث فيهما الصيغة; وهي بناؤهما على (فعل) و (فعل) منقولين عن (فعل) ، وإبدال واوهما تاء.

                                                                                                                                                                                                                                      ودليل كون (أخت) من الواو: قولهم: (أخوات) ، ودليل (بنت) : إبدالهم التاء من الواو، وإبدالها من الواو أكثر من إبدالها من الياء، فيجب حمله على الأكثر، وليس في قولهم: (البنوة) دليل; لأنهم قالوا: (الفتوة) ، وهي من الياء.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: (غير مضار وصية من الله) : نصب (غير) على الحال من المضمر في (يوصي) ، وإضافة (مضار) إلى (وصية) على تقدير: (غير مضار عند الوصية) ، كقولهم: (فلان شجاع حرب) ; أي: عند الحرب.

                                                                                                                                                                                                                                      ونصب (وصية) على أنها مصدر.

                                                                                                                                                                                                                                      (والذان يأتيانها منكم) : من شدد النون فيه وفي الحروف المذكورة معه; فعلى أنه جعله عوضا من المحذوف; لأن (الذي) حذفت منه الياء، ولزم الحذف، فصار بمنزلة ما لم تحذف، لالتقاء الساكنين، والألف حذفت من (هذا) للفرق بينها وبين الأسماء المتمكنة، وجعل التشديد عوضا من المحذوف، واتفقت (الذي) والأسماء المبهمة في ذلك، كما اتفقت في التحقير في فتح أوائلها، وإلحاق [ ص: 221 ] أواخرها الألف، والنون الزائدة هي الأخيرة، والأولى للتثنية; بدليل أن نون التثنية هي التي تلي حرف الإعراب.

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي : ولا يدل سكونها على أنها ليست للتثنية، ألا تراك تقول:

                                                                                                                                                                                                                                      (اضربان) ، فتسكنها للإدغام، وهي للتثنية، وحركت الثانية; لوقوعها بعد ألف التثنية، والحاجز ساكن، ألا ترى أن النون في (اضربان) حركتها الفتحة، فكسرت; لوقوعها بعد الألف، فكسر هذه التي لا حركة معلومة لها أجدر.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: شددت النون في ( الذان) و (هذان) ; ليفرق بين النون التي تحذف للإضافة، وبين النون التي لا تحذف للإضافة وقد يحتمل تشديد نون، (فذانك) زيادة على ما قدمناه; وهو أن تكون النون فيه زيدت عوضا من اللام في (ذلك) ، أو أثبتت لام (ذلك) في التثنية بعد النون، ثم أدغمت اللام في النون على إدغام الثاني في الأول، ومنع من إدغام الأول في الثاني ههنا: أنه لو أدغم; لصار في موضع النون الدالة على التثنية لام شديدة، فتغير لفظ التثنية.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن لام (ذلك) أثبتت قبل نون التثنية، ثم أدغمت في النون على إدغام [ ص: 222 ] الأول في الثاني.

                                                                                                                                                                                                                                      وارتفاع قوله: (الذان) عند سيبويه على تقدير: (وفيما يتلى عليكم اللذان يأتيانها منكم فآذوهما) ، والرفع الاختيار عنده، وإن كان معنى الكلام الأمر; لأنه لما وصل (الذي) بالفعل; تمكن معنى الشرط فيه; إذ لا يقع على شيء بعينه، فجرى مجرى الشرط، فلم يعمل فيه ما قبله من الإضمار، فلما بعد أن يعمل ما قبله فيه، لم يحسن الإضمار، ويجوز النصب; لأنه وإن أشبه الشرط; فالمشبه بالشيء ليس مثله.

                                                                                                                                                                                                                                      (مبينة) ، و (مبينات) : من فتح الياء; فهو اسم المفعول، ومن كسر; فهو اسم الفاعل، والمعنيان ظاهران.

                                                                                                                                                                                                                                      وحذف الهمزة من (إحداهن) على ما قدمناه، وما سنذكره فيما بعد من حذف الهمزة إرادة التخفيف، ومثله قول أبي الأسود: [من الكامل)


                                                                                                                                                                                                                                      يا با المغيرة رب أمر مبهم     فرجته بالنكر مني والدها)

                                                                                                                                                                                                                                      وقول الآخر: (من الرجز) [ ص: 223 ]


                                                                                                                                                                                                                                      إن لم أقاتل فالبسوني برقعا

                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا: (ما حسن زيدا! وما جمل عمرا!) ، [وقال: (سامة) ، وقال]: (سحاق) ، فحذفوا الهمزة في ذلك كله، وقد ذكرته في غير موضع من الكتاب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: (إلا ما قد سلف) : (ما) : نصب على الاستثناء المنقطع.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية