وقوله: (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) : [أي: إلا ما قد سلف ] ; فإنه مغفور لكم، فلا تفعلوه الآن; فإنه حرام.
ولا خلاف بين العلماء في وحكمه في ملك اليمين عند أكثر العلماء كحكمه في النكاح، تحريم الجمع بين الأختين بالنكاح في عقد واحد، حتى تحرم الأولى بما تحرم به عليه; من بيع، أو نكاح، أو غير ذلك، فإن وطئ الثانية; وقف عن وطئهما جميعا حتى يحرم فرج واحدة منهما بوطء، أو نكاح، أو عتق إلى أجل، أو غير ذلك مما تحرم به عليه، فإن حرم وطء الثانية; أقام على وطء الأولى، [ ص: 228 ] وإن حرم الأولى; لم يطأ الثانية حتى يستبرئ ; لفساد وطئه، هذا مذهب ومن كانت عنده أختان مملوكتان قد وطئ إحداهما; لم يكن له وطء الأخرى ، مالك وأكثر العلماء. والشافعي،
وقد روي عن أنه قال: أحلتهما آية، وحرمتهما آية، ولم أكن أفعله; يعني: الجمع بين الأختين بملك اليمين، وإحدى الآيتين: ابن عباس (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) ، والأخرى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم) [النساء: 24) ، وكذلك قوله: (إلا ما ملكت أيمانكم) .
وقال النخعي، وحماد: من كانت عنده أختان مملوكتان; فلا يقرب واحدة منهما.
وقال إذا غشي إحداهما، ثم أراد أن يغشى الثانية; اعتزل الأولى، ولم يطأ الأخرى حتى تنقضي عدة الأولى، ثم إن شاء; غشي الأخرى، بعد أن يضمر في نفسه ألا يقرب أختها. قتادة:
وقوله: (وأخواتكم من الرضاعة) : مذهب : أن مالك وهو مذهب قليل الرضاع وكثيره يحرم، ، وأصحابه، وغيرهم. أبي حنيفة
الشافعي: خمس رضعات، وعن الذي يحرم من الرضاع: ـ رضي الله عنها ـ نحوه، [ ص: 229 ] وعنها أيضا أنها قالت: (لا يحرم إلا سبع رضعات) ، وعنها أيضا: أنها أمرت عائشة أم كلثوم أختها أن ترضع عشر رضعات. سالم بن عبد الله
ابن حنبل، وإسحاق، وغيرهما: لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان.
بإجماع، ولا رضاع بعد الحولين عند والرضاع يحرم في الحولين الشافعي، والثوري، وغيرهم، وروي نحو ذلك عن وابن حنبل، . مالك
وروي عنه أيضا: أن ما كان بعد الحولين بشهر أو شهرين ولم يفصل; فهو من الحولين.
وفي رواية أخرى: ما زاد على الحولين بشهر، وفي أخرى: بأيام يسيرة.
وثبت: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب"، ولا تحل العمة من الرضاعة، ولا الخالة من الرضاعة، ولا بنت الأخ، ولا بنت الأخت من الرضاعة، ولا ما أشبه ذلك، فلا يجوز أن يتزوج الرجل من الرضاعة من يحرم عليه من النسب، ولا بين [ ص: 230 ] المرأة وعمتها، ولا المرأة وخالتها من الرضاعة. ولا يجمع بين الأختين من الرضاعة،
ويدخل في قول الله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم) : كل امرأة نال الإنسان منها ولادة وإن علت، وفي (وبناتكم) : كل امرأة نالتها منه ولادة وإن سفلت، ويدخل في (عماتكم) (وخالتكم) : عمة العمة، وخالة الخالة فما علا، وفي (وبنات الأخ وبنات الأخت) : ما جرى هذا المجرى.
وكل امرأتين لو كانت إحداهما ذكرا لم تحل له الأخرى لا يجوز الجمع بينهما، هذا حكم ذوات المحارم من النسب والرضاع.
وقوله تعالى: (والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) : قال علي رضي الله عنهما: هن من ذوات الأزواج لا تحل واحدة منهن إلا أن تسبى. والخدري
أصبنا سبايا يوم الخدري: أوطاس، فكرهنا أن نقع عليهن، فسألنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذلك; فنزلت الآية. وقال
وعن أبي بن كعب، وغيرهما: أنهن الإماء ذوات الأزواج، إذا استؤنف عليهن الملك; كان فسخا لنكاحهن، وكذلك قال وابن مسعود، ، ابن المسيب والحسن، : إن بيع الأمة طلاقها. ومجاهد
ومذهب ، مالك والشافعي، وغيرهم: أن بيع الأمة لا يكون طلاقا. وابن حنبل،
[ ص: 231 ] (المحصنات) : ههنا: العفائف اللواتي أحصنهن عفافهن، وهو مردود إلى قوله تعالى: ( أبو العالية: فانكحوا ما طاب لكم من النساء) .
وقيل: (المحصنات) ههنا: جميع النساء، ولا يحللن إلا بنكاح أو ملك يمين.
وقيل: معناه: وحرم عليكم المحصنات إلا ما ملكت أيمانكم; يعني:
الأربع; فحرم ما فوق الأربع.
و (الإحصان) في القرآن يكون: إما بالإسلام، وإما بالحرية، وإما بالعفاف، وإما بالتزويج، وأصله: المنع، وهو يكون بالوجوه الأربعة.
(وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم) : قال وغيره: يعني: النكاح فيما دون الخمس. السدي
وقيل: معناه: أحل لكم ما وراء ذوات المحارم من أقربائكم.
يعني بـ (ذلك) : ملك اليمين خاصة. قتادة:
وقال بعض أهل العلم ممن يرى نسخ الله من هذا على لسان نبيه ـ عليه الصلاة والسلام ـ الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها، والعمتين، والخالتين، وما حرمه على لسانه من جهة الرضاع]. نسخ القرآن بالسنة: