الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      وأن تجمعوا بين الأختين : موضع "أن" رفع على العطف على حرمت عليكم أمهاتكم ، وكذلك "والمحصنات" ، وفتح الصاد من هذا الموضع; لأن المراد به: الحربية ذات الزوج في دار الحرب، أحصنها زوجها; فهي [ ص: 252 ] محصنة، ومن فتح في الجميع; فلأن كل واحد من وجوه الإحصان قد أحصنها، ومن كسرها; فهو اسم الفاعل من أحصنت، فهي تحصن نفسها بأحد الوجوه الأربعة.

                                                                                                                                                                                                                                      كتاب الله عليكم : مصدر; لأن معنى حرمت عليكم : كتب الله عليكم، وهو عند الكوفيين: منصوب على الإغراء، وكان يكون ذلك لو كان النص: عليكم كتاب الله، وإلا فلا يتقدم ما قام مقام الفعل; وهو "عليكم"، إلا أن يقدر حذف العامل، ويكون "عليكم" معبرا عنه; فيكون التقدير : (الزموا كتاب الله) ، ورفعه في الكلام جائر; على معنى: (هذا كتاب الله) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: "كتب الله عليكم"; فهو فعل، والمعنى: كتب الله عليكم ما

                                                                                                                                                                                                                                      قصه من التحريم.

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في بناء الفعل للفاعل أو المفعول في "أحل" و "أحصن" ظاهر.

                                                                                                                                                                                                                                      أن تبتغوا بأموالكم : موضع "أن" نصب في من قرأ: "وأحل" على البدل [ ص: 253 ] من ما، أو على تقدير : (لأن تبتغوا) ; وهي رفع على قراءة من قرأ: "وأحل" على العطف على "ما" ، أو نصب على تقدير : (لأن...) .

                                                                                                                                                                                                                                      فما استمتعتم به منهن : ابتداء، وهي شرط، ولا يصلح كونها بمعنى المصدر; من أجل الذكر العائد، والمصدر لا يقتضي ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      فريضة : حال، وقيل : مصدر في موضع الحال.

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في: بعضكم من بعض ، وإعرابه.

                                                                                                                                                                                                                                      محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان : أحوال من الهاء والنون في "منهن".

                                                                                                                                                                                                                                      والقول في نصب إلا أن تكون تجارة ورفعها ظاهر، حسب الذي تقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      فسوف نصليه نارا : من فتح النون; فهو منقول من (صلى نارا) إلى (صليته) ، وفي الخبر: "شاة مصلية"، ومن ضم النون; فهو منقول بالهمزة; مثل: (طعم ، وأطعمته) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 254 ] وقوله: "مدخلا كريما" : فتح الميم يجوز أن يكون مصدر (دخل) ، وهو منصوب بإضمار فعل، التقدير : فيدخلون مدخلا كريما، ويجوز أن يكون اسم مكان; فينتصب على أنه مفعول به.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن ضم الميم; احتمل أن يكون مصدرا على تقدير حذف المفعول، التقدير : (ويدخلكم الجنة مدخلا كريما) ; أي: مدخلا تكرمون فيه، واحتمل أن يكون اسما للمكان، فيكون مفعولا.

                                                                                                                                                                                                                                      واسألوا الله من فضله : [يجوز أن يكون "من فضله"]) في موضع المفعول الثاني، ويجوز أن يكون المفعول الثاني] محذوفا، وهو مذهب سيبويه; لأن "من" لا تزاد عنده في الواجب.

                                                                                                                                                                                                                                      ولكل جعلنا موالي : المضاف إليه محذوف، والمعنى: (ولكل شيء مما ترك الوالدان والأقربون [جعلنا موالي; يعني: ورثة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إن قوله: مما ترك الوالدان والأقربون متصل بـ موالي [ ص: 255 ] على جهة الصفة، والعامل الاستقرار، ويجوز أن يتصل بمحذوف; التقدير : (موالي يعطون مما ترك الوالدان والأقربون) .

                                                                                                                                                                                                                                      والذين عقدت أيمانكم : من الميراث، ومن قرأ: "عقدت"; فهو محمول على لفظ (الأيمان) ، أسند الفعل إليها، ولم يسند إلى أصحابها، ومن شدد; فعلى التكثير، ومن قرأ: "عاقدت"; فلأن لكل واحد من المتحالفين يمينا، فالوجه: أن يأتي من المفاعلة التي تكون من اثنين، والمعنى: عاقدت حلفهم أيمانكم، فحذف (الحلف) ، وأقيم الضمير مقامه، ثم حذف الضمير.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: بما حفظ الله : من نصب اسم "الله" تعالى; فعلى معنى: (بحفظهن الله) ; أي: بحفظهن أمره، أو دينه، فإن قدرت (ما) موصولة; قدرت في "حفظ" ضميرا مرفوعا يعود إلى "ما"; تقديره: (بالذي حفظ أمر الله) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن رفع اسم "الله"; فـ "ما" مصدر أيضا، والمعنى : (بحفظ الله إياهن في وصيته الأزواج بهن) ، ويجوز على هذه القراءة أن تكون "ما" موصولة، التقدير : (بالذي حفظهن الله به) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن وحد(المضجع) ; فإنه واحد يؤدي عن الجميع; لأنه اسم جنس.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 256 ] والجار الجنب : من قرأ: "الجنب"; فهو على تقدير حذف المضاف أي: والجار ذي الجنب; أي: ذي الناحية، وقيل : هو صفة; مثل: "الجنب"، ومعنى " الجنب " : المجانب للقرابة، و (الجنابة) : البعد، وقد تقدم ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      الذين يبخلون : ابتداء، والخبر محذوف، أو يكون الخبر إن الله لا يظلم مثقال ذرة ; أي: لا يظلمهم، أو يكون بدلا من "من" في قوله: إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ، ولا يكون صفة; لأن (من) و (ما) لا يوصفان، ولا يوصف بهما.

                                                                                                                                                                                                                                      والذين ينفقون أموالهم : معطوف على "الذين" الأولى ، ومن رأى زيادة الواو; جاز أن يكون الثاني عنده خبرا للابتداء الأول.

                                                                                                                                                                                                                                      والقراءات المذكورة في (البخل) لغات بمعنى.

                                                                                                                                                                                                                                      رئاء الناس : مفعول له، أو مصدر في موضع الحال; فيكون [ ص: 257 ] ولا يؤمنون بالله منقطعا، ولا يكون معطوفا على "ينفقون"; لأن الحال من "الذين" غير داخل في صلته، فيفرق بين الصلة والموصول بالحال.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن جعلته حالا من المضمر في "ينفقون"; جاز أن يكون "ولا يؤمنون" معطوفا على "ينفقون"، داخلا في الصلة، لأن الحال داخلة في الصلة، من حيث كانت حالا لما هو في الصلة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وماذا عليهم لو آمنوا بالله [يحتمل أن تكون "ماذا" اسما واحدا، وتقديره: وأي شيء عليهم لو آمنوا؟]، و يحتمل أن تكون "ما" وحدها اسما، و"ذا" بمعنى: (الذي) .

                                                                                                                                                                                                                                      والرفع في "وإن تك حسنة" على أن (كان) بمعنى: (وقع) ، والنصب على أنها الناقصة) ; أي: وإن تك فعلته حسنة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 258 ] قوله: ويؤت من لدنه أجرا عظيما : دخلت "من" على "لدن" من حيث كانت "من" لأول الغاية، و (لدن) كذلك، فلما تشاكلا حسن دخول "من" عليها، وكذلك قال سيبويه في (لدن) : إنه الموضع الذي هو أول الغاية .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية