الإعراب:
تقدم القول في : (إلا من ظلم) .
ومن قرأ: (تعدوا) ; فأصلها : (تعتدوا) ; فنقل فتحة التاء إلى العين، وأدغم التاء ، ومن اختلس الفتحة; فأصلها كذلك أيضا، وهذه العبارة
[ ص: 384 ] عند الحذاق هي الصواب، وقد روى بعض الرواة إسكان العين، وتشديد الدال، وهو جمع بين الساكنين، وهو شاذ قليل، ومن قرأ: (تعدوا) ; فهو من (عدا) .
فبما نقضهم ميثاقهم : (ما) : زائدة، وقيل: هي نكرة، و (نقضهم) : بدل منها.
بهتانا عظيما : حال، وقيل : مصدر.
إلا اتباع الظن : استثناء منقطع.
وقد تقدم القول في: وما قتلوه يقينا .
فبظلم من الذين هادوا : قال نفطويه، : يجوز أن يكون (فبظلم) بدلا من قوله: والزجاج فبما نقضهم ميثاقهم .
أبوعلي : هذا فاسد; لأن البدل لا يكون بتوسط حرف الجر ، قال : والذي يتعلق به فبما نقضهم ميثاقهم محذوف، كأنه قال : لعناهم، ونحوه.
[ ص: 386 ] وقوله: (فبظلم) : متعلق بـ (حرمنا) ، وحسن الحذف; لطول الكلام، وللدلالة على المحذوف.
والمقيمين الصلاة : نصبه عند على المدح، وهو عند سيبويه مجرور، الكسائي: محمول على (ما) قبله في قوله: (بما أنزل إليك ); على أن المقيمين الصلاة الأنبياء والملائكة، وكذلك تقدير قول من جعله معطوفا على الكاف من (إليك) .
وقيل: هو معطوف على الهاء والميم في: لكن الراسخون في العلم منهم .
وقيل: هو معطوف على الكاف في: وما أنزل من قبلك .
وقيل : هو معطوف على (قبل) ; أي: وقبل المقيمين، ثم حذف المضاف.
ومن قدر خبر قوله : ( الراسخون) : أولئك سنؤتيهم ; لم يسغ له أن ينصب (المقيمين) ; لأن المدح لا يكون إلا بعد تمام الكلام، لكنه يجعل الخبر: يؤمنون بما أنزل إليك .
[ ص: 387 ] ورفع والمؤتون الزكاة عند على الابتداء، أو يكون على إضمار مبتدأ; التقدير : وهم المؤتون الزكاة، ويجوز عطفه على المضمر في (المقيمين) ، أو المضمر في (يؤمنون) ، أو على قوله : ( الراسخون) . سيبويه
وكسر النون، وضمها، وفتحها في (يونس) لغات، وكأن (يونس) في الأصل: فعل مبني للفاعل، و (يونس) : فعل مبني للمفعول; فسمي بهما.
ومن ضم الزاي من (الزبور) ; جاز أن يكون جمع (زبر) ; كـ (فلس وفلوس) ، و (زبر) بمعنى: مزبور; فجمع; لوقوعه موقع الأسماء التي ليست بمصادر، كما جمعوا (كتابا) على (كتب) ، حين استعمل استعمال الأسماء.
ويحتمل أن يكون جمع (زبور) ، فحذفت الزيادة; كأن الواو حذفت، فصارت إلى (زبر) ، فجمع على (فعول) ، كما جمع (ظريف) على (ظروف) ; كأنه (ظرف) .
ومن فتح الزاي; فهو (فعول) بمعنى: (مفعول) ، ومعنى (مزبور) : مكتوب. وقوله: ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل : محمول على المعنى; لأن معنى [ ص: 388 ] (أوحينا) : أرسلنا، وفي الكلام تقدير حذف مضاف، والمعنى : (قصصنا أخبارهم عليك وأسماءهم) .
ومن قرأ: وكلم الله موسى تكليما ; فهو على أن موسى كلم الله، كما قال في موضع آخر: رب أرني أنظر إليك ، وشبهه.
رسلا مبشرين ومنذرين : بدل من قوله: (ورسلا) المتقدم، أو يكون منصوبا بإضمار فعل.
[ انتهوا خيرا لكم : النصب في قوله: (خيرا لكم) عند بإضمار فعل; كأنه قال] : ائتوا خيرا لكم; لأنه إذا نهاهم عن الشرك; فقد أمرهم بإتيان ما هو خير لهم. سيبويه:
وهو عند وغيره: خبر (كان) مضمرة; أي: فآمنوا يكن خيرا لكم، وهو عند أبي عبيدة : نعت لمصدر محذوف، التقدير: فانتهوا انتهاء خيرا لكم، وكذلك القول في: الفراء فآمنوا خيرا لكم ، وأمره إياهم بالإيمان دليل [ ص: 389 ] على إخراجهم من أمر وإدخالهم فيما هو خير منه ، على التقدير الأول.
وارتفاع (ثلاثة) على تقدير : ولا تقولوا: آلهتنا ثلاثة، أبو : التقدير : علي
ولا تقولوا: هو ثالث ثلاثة; فحذف المبتدأ والمضاف.
إنما الله إله واحد : يحتمل وصفه ـ تعالى ـ بـ (إله واحد) أمرين:
أحدهما: التأكيد، كما قال: لا تتخذوا إلهين اثنين ، فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ، وشبهه.
والثاني: أن يكون المعنى: أنه منفرد في إلهيته، وقد يقع (الإله) في معنى الجمع; نحو قوله: وما من إله إلا الله الواحد ; معناه : (ما من آلهة إلا الله) ، فلما كان كذلك; وصف بـ (واحد) ; ليتخلص مما قد يكون للجميع.
واسم (الله) : مبتدأ، و (إله) : خبره، [ و (واحد) نعت له، ويجوز أن يكون (إله) بدلا من اسم الله عز وجل، و (واحد) : خبره]، تقديره: إنما المعبود واحد.
سبحانه أن يكون له ولد : (أن) مفتوحة في موضع نصب، على تقدير : (عن أن يكون له ولد) ، ومن كسر (أن) ; فعلى أنها نفي بمعنى (ما) ; والمعنى: (ما يكون له ولد) ، وينبغي رفع (يكون) ، ولم يذكره الرواة.
[ ص: 390 ] ويهديهم إليه صراطا مستقيما : نصب (صراطا) بإضمار فعل دل عليه (ويهديهم) ، التقدير : ويعرفهم صراطا مستقيما.
وقيل : هو مفعول ثان، على تقدير : ويعرفهم إلى ثوابه صراطا مستقيما.
وقيل: هو حال من (إليه) ، والهاء في (إليه) : قيل : هي للقرآن، وقيل: للفضل، وقيل: للرحمة والفضل; لأنهما بمعنى الثواب، وقيل : هي لله ـ عز وجل ـ على حذف المضاف، كما تقدم من أن المعنى: (ويهديهم إلى ثوابه) .
أبو علي : الهاء راجعة إلى ما تقدم من اسم الله عز وجل، والمعنى : (ويهديهم إلى صراطه) ، فإذا جعلنا (صراطا مستقيما) نصبا على الحال; كانت الحال من هذا المحذوف.
وقوله: (فإن كانتا اثنتين) : ثني الضمير في (كانتا) حملا على معنى (من) ، التقدير: (فإن كان من ترك اثنتين) ، قاله فقيل له: أليس خبر (كان) يفيد معنى ليس في اسمها؟ فما الذي أفاده الخبر ههنا مما لم يفده الاسم؟ فقال: إنما أراد: فإن كان من ترك اثنتين فصاعدا، ثم أضمر (من) على معناها، فبإضماره (من) على معناها أفاد ما أراد. الأخفش،
المازني: أنا أقول: إن الخبر أفاد ما لم يفد الاسم; لأنه لما قال: (كانتا) ; [ ص: 391 ] كان يجوز أن تكونا صغيرتين أو كبيرتين، فلما قال: (اثنتين) ; اشتمل على الصغير والكبير، فأدى معنى.
وإن كانوا إخوة رجالا ونساء : رجالا ونساء : خبر (كان) ، وقال: (نساء) ; لأن الإخوة يراد بهم: الإخوة والأخوات، على تغليب لفظ التذكير، فجاء الخبر على ما كان في الأصل، كأنه قال: إن كان الأنسباء رجالا ونساء، والأنسباء يكونون إخوة وأخوات.
* * *