الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 466 ] ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة أي: لجمعكم على الحق، عن الحسن.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن عباس: لجمعكم على دعوة نبي واحد.

                                                                                                                                                                                                                                      وأن احكم بينهم بما أنـزل الله أي: أنزلنا إليك أن احكم بينهم بما أنزل الله .

                                                                                                                                                                                                                                      ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك الآية.

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن عباس: المعنى: احذر أن يصرفوك إلى أهوائهم بأطماعهم إياك في الإسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      ابن زيد: المعنى: احذر أن يضلوك بكذبهم على التوراة بما ليس فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      وتكرير وأن احكم بينهم بما أنـزل الله للتأكيد، وقيل: لأن ذلك في قصتين; إحداهما: الأمر بالحكم بينهم في أمر الزانيين، والأخرى: الحكم بينهم في أمر القتيل.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم : قال الحسن: هو قتل قريظة بنقض العهد، وإجلاء بني النضير.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنما قال: ببعض ذنوبهم ; ليدل على أن البعض منها يوجب إهلاكهم وتعذيبهم.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 467 ] وقيل: معنى (ببعضها): بكلها، فيكون من الخصوص الذي يراد به العموم.

                                                                                                                                                                                                                                      أفحكم الجاهلية يبغون : الضمير في (يبغون) لليهود.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون أي: عند قوم يوقنون.

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء : قيل: يعني به: المنافقين; لأنهم كانوا يوالون المشركين، ويخبرونهم بأسرار المسلمين.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: نزلت في أبي لبابة، عن عكرمة.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي: نزلت في قصة يوم أحد، حين خاف المسلمون، حتى هم قوم منهم أن يوالوا اليهود والنصارى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: نزلت في عبادة بن الصامت، وعبد الله بن أبي، حين تبرأ عبادة من موالاة اليهود، وتمسك بها ابن أبي، وقال: أخاف أن تدور الدوائر .

                                                                                                                                                                                                                                      فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم أي: في معاونتهم، قال مجاهد، وقتادة، والسدي: هي عامة في المنافقين، وقال غيرهم: نزلت في عبد الله بن أبي، حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم في بني قينقاع حين أسرهم، فتركهم له، وقال: «خذهم، لا بارك الله لك فيهم»، فماتوا حتى ما بقي منهم أحد.

                                                                                                                                                                                                                                      و (الدائرة): الدولة تدور إلى من كانت له.

                                                                                                                                                                                                                                      فعسى الله أن يأتي بالفتح : (الفتح): الحكم، قال ابن عباس: أتى الله بالفتح، [ ص: 468 ] فقتلت مقاتلة بني قريظة، وسبيت ذراريهم، وأجلي بنو النضير.

                                                                                                                                                                                                                                      السدي: يعني بـ(الفتح): فتح مكة.

                                                                                                                                                                                                                                      أو أمر من عنده : قال السدي: هو الجزية، وقال الحسن: هو إظهار أمر المنافقين، والإخبار بأسمائهم، والأمر بقتلهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم الآية; أي: الذين اجتهدوا في الأيمان أنهم لا يوالون المشركين.

                                                                                                                                                                                                                                      حبطت أعمالهم أي: بنفاقهم; لأنهم كانوا يعتقدون الكفر، ويظهرون الإسلام.

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه : قال الحسن، وقتادة، وغيرهما: نزلت في أبي بكر الصديق، وأصحابه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقال السدي: نزلت في الأنصار، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أومأ حين نزلت إلى أبي موسى الأشعري، وقال: «هم قوم هذا» .

                                                                                                                                                                                                                                      مجاهد: هم أهل سبأ; يعني: أهل اليمن.

                                                                                                                                                                                                                                      أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين أي: جانبهم لين للمؤمنين، غليظ على الكافرين.

                                                                                                                                                                                                                                      إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا : هذه الآية راجعة إلى قوله: لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ، و الذين آمنوا ، ههنا: جميع المؤمنين، عن الحسن.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 469 ] مجاهد، والسدي: نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، روي: أنه أعطى مسكينا خاتما من فضة، وعلي رضي الله عنه راكع.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى (الولاية): النصرة، لا الخلافة; فليست الآية على هذا التأويل بموجبة كون علي رضي الله عنه أولى بالخلافة ممن كانت فيه قبله.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن حزب الله هم الغالبون : حزب الله : جنده، عن الحسن، وأصل ذلك: من النائبة، من قولهم: (حزبه كذا) ; أي: نابه، فكأن المتحزبين مجتمعون كاجتماع أهل النائبة عليها.

                                                                                                                                                                                                                                      يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء : (الكفار): قيل: هم كفار قريش، وقيل: كل كافر سوى أهل الكتاب.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنها نزلت بسبب يهود ومشركين ضحكوا من المسلمين حين سجودهم.

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا : يروى: أنهم كانوا إذا سمعوا المؤذن استهزئوا وتضاحكوا.

                                                                                                                                                                                                                                      بأنهم قوم لا يعقلون أي: أنهم بمنزلة من لا عقل له يمنعه من القبائح.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية