الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      {المعذرون} : الذين بالغوا في العذر، ومنه: (قد أعذر من أنذر) ، وتقدم معنى قراءة من قرأ: {المعذرون} .

                                                                                                                                                                                                                                      قد نبأنا الله من أخباركم : تعدى (نبأ) ههنا إلى مفعول واحد، ثم تعدى بعد ذلك بحرف جر، ويجوز أن تقدر {من} زائدة، ويضمر مفعول ثالث، على [ ص: 302 ] ما يراه الأخفش من زيادة (من) في الواجب؛ فالمعنى: نبأنا الله أخباركم ظاهرة.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنـزل الله : موضع (أن) نصب، على تقدير: بأن.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن ضم السين من دائرة السوء ؛ فمعناه: الهزيمة والبلاء، ومن فتحها؛ فمعناه: الرداءة والفساد، وهما متقاربان.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن رفع {والأنصار} ؛ عطفه على {والسابقون} ، ومن جره؛ عطفه على {المهاجرين} .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن أهل المدينة مردوا على النفاق أي: قوم مردوا؛ فحذف الموصوف، وقد تقدم نظائره.

                                                                                                                                                                                                                                      خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا : قيل: إن الواو في {وآخر} بمعنى الباء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: بمعنى (مع) ؛ كقولك: (استوى الماء والخشبة) ؛ وأنكر ذلك الكوفيون، وقالوا: لأن (الخشبة) لا يجوز تقديمها على (الماء) ، و (الآخر) في الآية يجوز تقديمه على الأول، فهو عندهم بمنزلة: (خلطت الماء باللبن) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: تطهرهم وتزكيهم بها : يجوز أن يكون {تطهرهم} وصفا لـ(الصدقة) ، [ ص: 303 ] وكذلك وتزكيهم بها ، ولا يصح على هذا أن يكون {تزكيهم} حالا من المخاطب، فيتضمن ضميره؛ لأنك لو قلت: (خذ ومزكيا) ، فأدخلت الواو وأنت تريد الحال؛ لم يجز.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكونا جميعا - أعني: تطهرهم وتزكيهم - حالين للمخاطب؛ التقدير: خذها مطهرا لهم، ومزكيا لهم بها.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تجعلهما جميعا صفتين لـ(الصدقة) ، على ما تقدم، ويكون فاعل {تزكيهم} المخاطب، ويعود الذكر الذي في {بها} على الموصوف المذكور.

                                                                                                                                                                                                                                      ولا يصح أن يكون أحدهما حالا، والآخر وصفا؛ لما تقدم من دخول حرف العطف.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يقطع، ويكون مستأنفا؛ على تقدير: فإنك تطهرهم.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز الجزم على جواب الأمر، والمعنى: إن تأخذ من أموالهم صدقة؛ تطهرهم وتزكهم بها.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {تطهرهم} ؛ فهو منقول بالهمزة من (طهر، وأطهرته) ؛ مثل: (ظهر، وأظهرته) .

                                                                                                                                                                                                                                      والجمع في (الصلوات) ؛ لأنها جماعة، والإفراد لأنه مصدر يؤدي عن [ ص: 304 ] القليل والكثير.

                                                                                                                                                                                                                                      والهمز وتركه في {مرجون} : لغتان.

                                                                                                                                                                                                                                      والذين اتخذوا : يجوز أن يكون {الذين} مبتدأ، والخبر محذوف؛ كأنه: يعذبون، أو نحوه، ويجوز أن يكون على تقدير: ومنهم الذين اتخذوا، وهو مردود على ما تقدم، وإضمار الواو مع الخبر بمنزلة إضمار الحرف مع الفعل في نحو: فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم [آل عمران: 106]؛ أي: فيقال لهم: أكفرتم؟ ومن أثبت الواو؛ عطف جملة على جملة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى: {أفمن أسس بنيانه} : البناء للفاعل وللمفعول فيه سواء في المعنى، وأما {أساس بنيانه} ، و {أسس بنيانه} ، و {أس بنيانه} ؛ فالمراد بذلك كله: أصل البناء الذي يرتفع عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      ووجه تنوين {تقوى} : أن تكون ألفه للإلحاق؛ كألف {تترا} [المؤمنون: 44]، فيمن نون، وأنكر سيبويه التنوين، وقال: لا أدري ما وجهه؟

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 305 ] والضم في {جرف} : الأصل، والإسكان: تخفيف.

                                                                                                                                                                                                                                      فانهار به في نار جهنم : فاعل (انهار) : (الجرف) ؛ كأنه قال: فانهار الجرف بالبنيان في النار؛ لأن (الجرف) مذكر، ويجوز أن يكون الضمير في {به} يعود على (من) ؛ فالتقدير: فانهار بمن أسس بنيانه على غير تقوى.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية