الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب :

                                                                                                                                                                                                                                      من قرأ : {وما يتنزل} ؛ بالياء ؛ أراد الوحي ، أو جبريل عليه السلام ، والنون على إخبار الملائكة عن أنفسهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : ثم لننـزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا : أصل (أي ) عند سيبويه البناء على الضم ؛ لأنها بمنزلة (الذي ) ، و (ما ) ، إلا أنها خالفتهما في جواز [ ص: 284 ] الإضافة فيها ، فأعربت لذلك ، فلما حذف من صلتها ما يعود عليها ؛ لم تقو ، فرجعت إلى البناء الذي هو أصلها ؛ فـ (أي ) مبنية ههنا ؛ والتقدير : ثم لننزعن من كل شيعة أيهم هو أشد على الرحمن عتيا ، ولو ظهر هذا الضمير ، لم يجز البناء عنده ، وحذفه مع (أي ) أكثر من حذفه مع (الذي ) .

                                                                                                                                                                                                                                      الزجاج : وحكى سيبويه أيضا : أن المعنى : ثم لننزعن من كل شيعة الذين يقال لهم : أيهم أشد على الرحمن عتيا ؟ والذي أتوهمه أن القول فيه قول الخليل : إن التقدير : ثم لننزعن من كل شيعة الذي من أجله يقال : أي هؤلاء أشد على الرحمن عتيا ؟ .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي : إنما وجب البناء على مذهب سيبويه ؛ لأنه حذف منه ما يتعرف به ؛ وهو الضمير ، مع افتقار الكلام [إليه ؛ كما حذف في من قبل ومن بعد [الروم : 4 ] ما يتعرفان به ، مع افتقار المضاف ] إلى المضاف إليه ؛ لأن الصلة تبين الموصول وتوضحه ، كما أن المضاف يبين المضاف إليه ويخصصه .

                                                                                                                                                                                                                                      وذهب يونس إلى أن (أيا ) مرفوعة بالابتداء ، والفعل الذي هو [ ص: 285 ] {لننـزعن} معلق .

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي : معنى ذلك : أنه معمل في موضع من كل شيعة ، لا أنه ملغى ، ولو أراد أنه لا يعمل شيئا ألبتة ؛ لقال : ملغى ؛ كما يقال في نحو : (زيد ظننت منطلق ) : إنه ملغى ، ولا يعلق عند الخليل وسيبويه مثل : {لننـزعن} ؛ إنما تعلق أفعال الشك وشبهها مما لم يتحقق وقوعه .

                                                                                                                                                                                                                                      الكسائي : {لننـزعن} : واقعة على المعنى ؛ كقولك : (لبست من الثياب ) ، و (أكلت من الطعام ) ، فالفعل عنده واقع على موضع من كل شيعة ، على ما تقدم ، وقوله : أيهم أشد : جملة مستأنفة مرتفعة بالابتداء ، ولا يرى سيبويه زيادة (من ) في الواجب .

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء : معنى {لننـزعن} : لننادين ، و (نادى ) : فعل يعلق إذا كان بعده جملة ؛ كـ (ظننت ) ، فيعمل في المعنى ، ولا يعمل في اللفظ .

                                                                                                                                                                                                                                      بعض الكوفيين : إنما لم يعمل {لننـزعن} في {أيهم} ؛ لأن فيها معنى الشرط والمجازاة ، فلم يعمل ما قبلها فيها ؛ والمعنى : لننزعن من كل شيعة ، إن تشايعوا ، أو لم يتشايعوا ؛ كقوله : (ضربت القوم أيهم غضب ) ؛ أي : إن غضبوا ، أو لم يغضبوا .

                                                                                                                                                                                                                                      المبرد : ارتفع {أيهم} ؛ لأنه متعلق بـ {شيعة} ، لا بـ (ننزعن ) ؛ فالمعنى : لننزعن من الذين تشايعوا أيهم ؛ أي : من الذين تعاونوا فنظروا أيهم أشد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 286 ] ومن نصب ؛ أعمل فيها {لننـزعن} ، وكأنه قال : لننزعن من كل شيعة الأعتى فالأعتى منهم ، كأنه يبدأ بالتعذيب بأشدهم عتيا ، ثم الذي يليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم الهمز وتركه في قوله : {وريا} ، والزاي .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ : (وريا ) ؛ بياء خفيفة ؛ جاز أن يكون أصلها الهمز ، فقلبت الهمزة ياء ، ثم حذفت إحدى الياءين ، والأشبه أن تكون المحذوفة الثانية ؛ إذ بها وقع الاستثقال .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن يكون (رئيا ) ، قلبت ، فصارت (ريئا ) ، ثم ألقيت حركة الهمزة على الياء ، وحذفت ، وقد قرأ بعضهم : (وريئا ) ؛ على القلب .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : إما العذاب وإما الساعة : منصوبان على البدل من {ما} في قوله : حتى إذا رأوا ما يوعدون ، و {إما} الثانية هي العاطفة ، ودخلت الأولى لتنبه على الشك ، ودخلت الواو ؛ لتدل على أن {إما} الثانية هي الأولى ، وليست بعاطفة .

                                                                                                                                                                                                                                      ابن كيسان : {إما} : للشك والتخيير ، والواو هي العاطفة ، وذلك غير مستقيم ؛ لأن العاطف لا يدخل على عاطف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز الفراء أن تأتي {إما} مفردة غير مكررة بمنزلة (أو ) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 287 ] و (الولد ) : يجوز أن يكون جمع (ولد ) ؛ كـ (أسد ، وأسد ) ، ويجوز أن يكون واحدا ، فيكون (الولد ) و (الولد ) ؛ كـ (البخل ) و (البخل ) .

                                                                                                                                                                                                                                      ونرثه ما يقول : موضع {ما} نصب [على أنه مفعول به ، والضمير في {نرثه} نصب ] بحذف الجار ؛ والمعنى ، ونرث منه ما يقول :

                                                                                                                                                                                                                                      ومن نون [ {كلا} من قوله ] : كلا سيكفرون مع فتح الكاف ؛ فهو مصدر (كل ) ، ونصبه بفعل مضمر ؛ والمعنى : كل هذا الرأي كلا ؛ يعني اتخاذهم الآلهة ؛ ليكونوا لهم عزا ، فيوقف على هذا على {عزا} ، وعلى (كلا ) ، وكذلك في قراءة الجماعة ؛ لأنها تصلح للرد لما قبلها ، والتحقيق لما بعدها ، على ما قدمناه .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن روى ضم الكاف مع التنوين ؛ فهو منصوب أيضا بفعل مضمر ؛ كأنه قال : سيتركون كلا ، سيكفرون بعبادتهم ؛ يعني : الآلهة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 288 ] وقوله : إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا : من نون ونصب ؛ فهو الأصل ، ومن أضاف ؛ فعلى الاستخفاف .

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية