الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      من قرأ: {الحبك} ؛ فواحدته (حبيكة) ، و {الحبك} : مخفف منه، و (الحبك) واحدته: (حبكة) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ (الحبك) ؛ فالواحدة: (حبكة) ؛ ك(برقة، وبرق) ، أو (حبكة) ؛ كـ (ظلمة، وظلم) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: (الحبك) ؛ فهو ك(إبل) ، و(إطل) ، و (الحبك): مخفف منه.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {الحبك} ؛ فهو شاذ، ليس في الكلام(فعل) ، وهو محمول على تداخل اللغات؛ كأنه كسر الحاء؛ ليكسر الباء، ثم تصور {الحبك} ، فضم الباء.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: يوم هم على النار يفتنون : نصب {يوم} على تقدير: الجزاء يوم هم على النار يفتنون، وقيل: إنه مبني، بني لإضافته إلى غير متمكن، وموضعه نصب [ ص: 230 ] على التقدير المتقدم، أو رفع على البدل من يوم الدين .

                                                                                                                                                                                                                                      كانوا قليلا من الليل ما يهجعون : يجوز أن تكون {ما} صلة؛ والتقدير: كانوا قليلا من الليل يهجعون.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون {ما} والفعل مصدرا، وموضعها رفع بالابتداء، والخبر: قليلا من الليل ، [والجملة في موضع خبر {كان} .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون {ما} رفعا على البدل من اسم (كان) ؛ التقدير: كانوا هجوعهم من الليل ثقيلا].

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز بعض النحويين ارتفاعه بـ (قليل) ؛ كما تقول: (كانوا نبيلا غلامهم) ، وأنكره أبو علي، وقال: لأن القلة ليست بصفة للهجوع؛ كما كان النبل للغلام.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز بعضهم أن تكون {ما} نافية، {قليلا} خبر (كان) ، وأنكره أبو علي، قال: لأن قوله: من الليل يبقى متعلقا بغير شيء، ولا يجوز أن يتعلق بما بعده؛ لأن ما تقدم على النفي منقطع منه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز بعضهم كون {ما} نافية؛ على أن يكون التقدير: كانوا قليلا؛ أي: ليس بكثير في العدد، ويوقف على قوله: {قليلا} ، ويبتدأ بالنفي.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 231 ] وانتصاب قوله: {قليلا} إن قدرت {ما} زائدة مؤكدة- بـ {يهجعون} ؛ على تقدير: كانوا وقتا قليلا، أو هجوعا قليلا، وإن لم تقدر {ما} زائدة؛ كان قوله: {قليلا} خبر {كان} ، ولم يجز نصبه بـ {يهجعون} ؛ لأنه إذا قدر نصبه بـ {يهجعون} مع تقديره مع {ما} مصدرا؛ قدمت الصلة على الموصول.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون : من رفع {مثل} ؛ فعلى أنه صفة لـ (حق) ؛ لأنه نكرة وإن أضيف إلى معرفة؛ إذا لا يختص بالإضافة؛ لكثرة الأشياء التي يقع بها التماثل بين المتماثلين، و {مثل} مضاف إلى {أنكم} ، و {ما} : زائدة، ولا تكون {ما} مع ما بعدها بمنزلة المصدر؛ إذ لا فعل تكون معه مصدرا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن نصب {مثل} : فعلى أنه مبني حين أضيف إلى غير متمكن؛ وهو {أنكم} ، و {ما} : زائدة؛ للتوكيد، فاكتسب البناء من المضاف إليه، هذا قول سيبويه.

                                                                                                                                                                                                                                      المازني: {مثل} مع {ما} بمنزلة شيء واحد، فبني على الفتح؛ لذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: إنه منصوب على الحال من النكرة التي هي (حق) ؛ كما كان قوله:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 232 ] أمرا من عندنا [الدخان: 5] نصبا على الحال من {كل} في قوله: فيها يفرق كل أمر حكيم [الدخان: 4].

                                                                                                                                                                                                                                      أبو علي: يجوز أن يكون حالا من المضمر المرفوع الذي في {لحق} ، والعامل في الحال هو (الحق) ؛ لأنه من المصادر التي يوصف بها، فيتضمن الضمير.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء: هو نعت لمصدر محذوف؛ التقدير: إنه لحق أحق ذلك حقا مثل نطقكم.

                                                                                                                                                                                                                                      بعض الكوفيين: هو منصوب على تقدير حذف الكاف؛ التقدير: كمثل ما أنكم تنطقون؛ [أي: كمثل نطقكم، و {ما} : زائدة].

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في فقالوا سلاما قال سلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم القول في تقدير نصب وقوم نوح ، وجره، ومن رفعه؛ فعلى الابتداء، والخبر محذوف.

                                                                                                                                                                                                                                      إني لكم منه نذير مبين كذلك} : موضع الكاف من {كذلك} يجوز أن يكون نصبا؛ على تقدير: أنذركم إنذارا كإنذار من تقدمني من الرسل الذين أنذروا [ ص: 233 ] قومهم، أو رفعا؛ على تقدير: الأمر كذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      ورفع {المتين} على النعت لـ {الرزاق} ، أو {ذو} من قوله: ذو القوة ، أو يكون خبر مبتدأ محذوف، أو نعتا لاسم {إن} على الموضع، أو خبرا بعد خبر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن جره؛ جعله نعتا لـ {القوة} ، وذكر؛ لأن تأنيثها غير حقيقي، فحمل على المعنى، وقيل: إن الجر على الجوار؛ كقولهم: (هذا جحر ضب خرب) ، وهو في النكرة أسهل منه في المعرفة، لقوة حاجة النكرة إلى الصفة.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      هذه السورة مكية، وعددها: ستون آية بغير اختلاف.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية