الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                                      التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل

                                                                                                                                                                                                                                      المهدوي - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي

                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الإعراب:

                                                                                                                                                                                                                                      العامل في {إذا} من قوله: إذا وقعت الواقعة قوله {وقعت} ؛ لأنها يجازى بها.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن رفع خافضة رافعة ؛ فعلى إضمار مبتدأ، ومن نصب؛ فعلى الحال، وقوله: ليس لوقعتها كاذبة : حال أخرى؛ التقدير: إذا وقعت الواقعة صادقة الوقعة خافضة رافعة، فهي ثلاث أحوال، ومجيء أحوال لذي حال كمجيء أخبار لمبتدأ، والعامل في {إذا} على هذه القراءة محذوف؛ المعنى: إذا وقعت الواقعة على هذه الأحوال؛ فاز المؤمنون، وخاب الكافرون.

                                                                                                                                                                                                                                      ويجوز أن تكون {إذا} الثانية خبرا عن {إذا} الأولى؛ كقولك: (إذا [ ص: 327 ] تزوروني [إذا] يقوم زيد) ؛ أي: وقت زيارتك إياي وقت قيام زيد.

                                                                                                                                                                                                                                      وأنكر بعضهم الحال ههنا؛ إذ هي في أغلب الأمر إنما تكون لما يمكن أن يكون، ويمكن ألا يكون، والقيامة لا شك في وقوعها، وأنها ترفع أقواما، وتضع آخرين.

                                                                                                                                                                                                                                      وهو عند الفراء على إضمار فعل؛ والمعنى: إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة؛ وقعت خافضة رافعة.

                                                                                                                                                                                                                                      وأجاز الزجاج عمل {وقعت} في {إذا} من إذا رجت الأرض ، وفيه بعد، إلا أن يحمل على البدل، فيعمل {وقعت} فيهما جميعا.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: وحور عين ؛ بالرفع؛ جاز أن يكون محمولا على المعنى؛ لأن معناه: لهم أكواب، ولهم حور، وجاز أن يكون معطوفا على {ثلة} و {ثلة} : ابتداء، وخبره: على سرر موضونة ، وكذلك خبر وحور عين ، وابتدئ بالنكرة؛ لتخصصها بالصفة، ويجوز أن يكون [عطفا على الضمير الذي في [ ص: 328 ] {متكئين} ، حسن ذلك؛ لطول الكلام، ويجوز أن يكون] معطوفا على الضمير في {متقابلين} .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن جر؛ جاز أن يكون معطوفا على [ {بأكواب} ، وهو محمول على المعنى؛ لأن المعنى: ينعمون بأكواب، وفاكهة، ولحم، وحور، وجاز أن يكون معطوفا على] {جنات} ؛ أي: هم في جنات النعيم، وفي حور؛ على تقدير حذف المضاف؛ كأنه قال: وفي معاشرة حور عين.

                                                                                                                                                                                                                                      الفراء: الجر على الاتباع.

                                                                                                                                                                                                                                      قطرب: هو معطوف على (الأكواب) و(الأباريق) من غير حمل على المعنى، قال: ولا ينكر أن يطاف عليهم بالحور، ويكون لهم في ذلك لذة.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {وحورا عينا} ؛ فهو على تقدير إضمار فعل؛ كأنه قال: ويزوجون حورا عينا، والحمل في النصب- على المعنى أيضا حسن؛ لأن معنى [ ص: 329 ] (يطاف عليهم به) : يعطونه ، وقوله: إلا قيلا سلاما سلاما : {قيلا} : منصوب بـ {يسمعون} ، أو استثناء منقطع، و سلاما سلاما : منصوبان بالقول، أو على المصدر، أو يكون وصفا لـ(القيل) ، ويجوز الرفع على تقدير: سلام عليكم.

                                                                                                                                                                                                                                      لآكلون من شجر من زقوم : يجوز أن تكون {من} الأولى زائدة، ويجوز أن يكون المفعول محذوفا، كأنه قال: لآكلون من شجر من زقوم طعاما، وقوله: من زقوم : صفة لـ {شجر} ، والصفة إذا قدرت الجار زائدا- نصب على المعنى أو جر على اللفظ، فإن قدرت المفعول محذوفا؛ لم تكن الصفة إلا في موضع جر.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن فتح الشين من شرب الهيم ؛ فهو مصدر (شرب) ، ومن ضمها؛ فهو اسم للمصدر، ونصبه على تقدير: فشاربون شربا مثل شرب الهيم، وقيل: إن الضم والفتح مصدران، فـ (الشرب) كـ (الأكل) كـ (الذكر) ، و(الشرب) ؛ بالكسر: المشروب؛ كـ (الطحن) بمعنى: (المطحون) .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 330 ] ومن فتح الظاء من {فظلتم} ؛ فالأصل: (فظللتم) ، فحذفت اللام الأولى، ومن كسر؛ نقل كسرة اللام الأولى إلى الظاء، ثم حذفها.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن قرأ: {فلأقسم بمواقع النجوم} ؛ بغير الألف بعد اللام؛ فعلى أن الفعل للحال، ويقدر مبتدأ محذوفا؛ التقدير: فلأنا أقسم بذلك، ولو أريد به الاستقبال للزمت النون. وقد جاء حذف النون مع الفعل يراد به الاستقبال، وهو شاذ.

                                                                                                                                                                                                                                      ومن أفرد في قوله: بمواقع النجوم ؛ فلأنه اسم جنس يؤدي الواحد فيه عن الجمع، ومن جمع؛ فلاختلاف أنواعه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: لا يمسه إلا المطهرون : يجوز أن يكون خبرا، وتكون ضمة السين ضمة إعراب، ويجوز أن يكون نهيا، وتكون ضمة السين بناء، والفعل مجزوم، وقد تقدم ذلك في الأحكام.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 331 ] ومن قرأ: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} ؛ فمعناه: ما قدمناه من قول من قال: إنه قولهم: (مطرنا بنوء كذا) ، ونحو ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: وأما إن كان من أصحاب اليمين : جواب {إن} عند المبرد محذوف؛ والتقدير: مهما يكون من شيء؛ فسلام لك من أصحاب اليمين، إن كان أصحاب اليمين؛ فسلام لك من أصحاب اليمين، فحذف جواب الشرط؛ لدلالة ما تقدم عليه؛ [كما حذف الجواب في قولك: (أنت ظالم إن فعلت) ؛ لدلالة ما تقدم عليه].

                                                                                                                                                                                                                                      ومذهب الأخفش: أن الفاء جواب [ {أما} و {إن} ؛ ومعنى ذلك: أن الفاء جواب] {أما} ، وقد سدت مسد جواب {إن} على التقدير المتقدم، فالفاء جواب لهما على هذا الحد، وإنما احتيج إلى هذا التقدير؛ لأن {أما} لا يفصل بينها وبين جوابها بما لا ينوى به التأخير إلا بظرف أو حال، و {أما} لا تليها إلا الأسماء والجمل، ولم يلها الفعل؛ لكونها نائبة عنه؛ إذ كان معناها: (مهما [ ص: 332 ] يكن من شيء) ، ففصل بينها وبين الفاء ههنا؛ لتحسين اللفظ، وليكون على حد ما عليه كلامهم، وكان الفصل بالشرط الذي هو جملة غير مستقلة، [فهي خارجة عن أحكام الجمل]؛ كما فصل بالقسم في نحو: (إن تأتني والله- أرك) .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى {أما} عند الزجاج: الخروج من شيء إلى شيء؛ أي: دع ما كنا فيه، وخذ في غيره.

                                                                                                                                                                                                                                      * * *

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية