الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2087 [ ص: 353 ] باب الحجامة للمحرم

                                                                                                                              ولفظ النووي : ( باب جواز الحجامة).

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 123 ج8 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [(عن ابن بحينة) رضي الله عنه؛ (أن النبي صلى الله عليه وسلم، احتجم بطريق مكة، وهو محرم، وسط رأسه ) ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              أي: متوسطه. وهو ما فوق اليافوخ، فيما بين أعلى القرنين. قال الليث : كانت هذه الحجامة، في فاس الرأس.

                                                                                                                              قال النووي : (وسط الرأس) بفتح السين. قال أهل اللغة: كل ما كان يبين بعضه من بعض؛ كوسط الصف، والقلادة، والسبحة، وحلقة الناس، ونحو ذلك، فهو: (وسط) بالإسكان.

                                                                                                                              وما كان مصمتا؛ لا يبين بعضه من بعض: كالدار، والساحة، والرأس، والراحة، فهو: (وسط) بفتح السين.

                                                                                                                              قال الأزهري ، والجوهري ، وغيرهما: وقد أجازوا في (المفتوح): الإسكان. ولم يجيزوا في (الساكن): الفتح.

                                                                                                                              قال: وفي هذا الحديث: دليل لجواز الحجامة للمحرم . وقد أجمع [ ص: 354 ] العلماء على: جوازها له في الرأس وغيره، إذا كان له عذر في ذلك. وإن قطع الشعر حينئذ، فعليه الفدية. فإن لم يقطع، فلا فدية عليه.

                                                                                                                              ودليل المسألة، قوله تعالى: فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية الآية.

                                                                                                                              قال: وهذا الحديث، محمول على أن النبي -صلى الله عليه وسلم -، كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس ، لأنه: لا ينفك عن قطع الشعر.

                                                                                                                              أما إذا أراد (المحرم): الحجامة، لغير حاجة ، فإن تضمنت قلع شعر: فهي حرام، لتحريم قطع الشعر.

                                                                                                                              وإن لم تتضمن ذلك، بأن كانت في موضع لا شعر فيه: فهي جائزة عندنا، وعند الجمهور، ولا فدية فيها.

                                                                                                                              وعن ابن عمر ومالك : كراهتها.

                                                                                                                              وعن الحسن البصري : فيها الفدية.

                                                                                                                              قال: دليلنا: أن إخراج الدم، ليس حراما في الإحرام.

                                                                                                                              وفي هذا الحديث: بيان قاعدة من مسائل الإحرام، وهي: أن الحلق، واللباس، وقتل الصيد، ونحو ذلك من المحرمات: يباح للحاجة. وعليه الفدية: كمن احتاج إلى حلق أو لباس: لمرض، أو حر، أو برد. أو قتل صيد للمجاعة، وغير ذلك. والله أعلم. انتهى.

                                                                                                                              [ ص: 355 ] وفي (شرح المنتقى): خص أهل الظاهر "الفدية": بشعر الرأس.

                                                                                                                              وقال الداودي : إذا أمكن مسك المحاجم بغير حلق: لم يجز الحلق.

                                                                                                                              واستدل بهذا الحديث: على جواز الفصد، وربط الجرح والدمل، وقطع العرق، وقلع الضرس، وغير ذلك: من وجوه التداوي ، إذا لم يكن في ذلك، ارتكاب ما نهي المحرم عنه: من تناول الطيب، وقطع الشعر.

                                                                                                                              .

                                                                                                                              ولا فدية عليه، في شيء من ذلك.




                                                                                                                              الخدمات العلمية