الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3134 باب منه

                                                                                                                              وذكره النووي في : (باب صحبة المماليك) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 129 ج 11 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن سويد بن مقرن ، أن جارية له، لطمها إنسان. فقال له سويد: أما علمت: أن الصورة محرمة ؟ فقال: لقد رأيتني، وإني لسابع إخوة لي، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما لنا خادم غير واحد. فعمد أحدنا فلطمه. فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن نعتقه.].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن سويد بن مقرن " رضي الله عنه" ، أن جارية له ، لطمها إنسان .

                                                                                                                              فقال له سويد : أما علمت : أن الصورة محرمة) .

                                                                                                                              [ ص: 556 ] فيه : إشارة إلى ما صرح به ، في الحديث الآخر : " إذا ضرب أحدكم العبد فليجتنب الوجه " . إكراما له . لأن فيه محاسن الإنسان . وأعضاءه اللطيفة. وإذا حصل فيه شين أو أثر ، كان أقبح .

                                                                                                                              (فقال : لقد رأيتني ، وإني لسابع إخوة لي ، مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وما لنا خادم غير واحد) .

                                                                                                                              قال النووي : "الخادم " بلا هاء : يطلق على الجارية . كما يطلق على الرجل .

                                                                                                                              ولا يقال : " خادمة " بالهاء. إلا في لغة شاذة قليلة . أوضحتها في تهذيب الأسماء واللغات .

                                                                                                                              (فعمد أحدنا فلطمه . فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

                                                                                                                              أن نعتقه) .

                                                                                                                              قال النووي : هذا محمول على أنهم كلهم ، رضوا بعتقها ، وتبرعوا به . وإلا ، فاللطمة إنما كانت من واحد منهم ، فسمحوا له بعتقها : تكفيرا لذنبه . انتهى .

                                                                                                                              قال في "النيل" : قال النووي ، في شرح مسلم ، عند الكلام على حديث سويد بن مقرن : إنه أجمع العلماء ، أن ذلك العتق : ليس واجبا .

                                                                                                                              [ ص: 557 ] وإنما هو مندوب ، رجاء الكفارة ، وإزالة إثم اللطم . وذكر من أدلتهم على عدم الوجوب : إذنه صلى الله عليه وآله وسلم لهم ، بأن يستخدموها . ورد بأن إذنه صلى الله عليه وآله وسلم لهم ، باستخدامها : لا يدل على عدم الوجوب . بل الأمر ، قد أفاد الوجوب . والإذن بالاستخدام ، دل على كون وجوبه متراخيا ، إلى وقت الاستغناء عنها . ولذا أمرهم عند الاستغناء بالتخلية لها.

                                                                                                                              ونقل أيضا عن عياض : أنه أجمع العلماء ، على أنه لا يجب إعتاق العبد ، بشيء مما يفعله به مولاه ; من مثل هذا الأمر الخفيف . يعني : " اللطم " المذكور في حديث سويد بن مقرن .

                                                                                                                              قال : واختلفوا فيما كثر من ذلك وشنع ; من ضرب مبرح لغير موجب ، أو تحريق بنار ، أو قطع عضو له ، أو إفساده ، أو نحو ذلك ، مما فيه مثلة .

                                                                                                                              [ ص: 558 ] فذهب مالك ، والأوزاعي ، والليث : إلى عتق العبد على سيده ، بذلك . ويكون ولاؤه له . ويعاقبه السلطان على فعله .

                                                                                                                              وقال سائر العلماء : لا يعتق عليه . انتهى .

                                                                                                                              وبهذا ، تبين : أن الإجماع الذي أطلقه النووي : مقيد بمثل ما ذكره القاضي عياض . انتهى كلام "النيل".

                                                                                                                              ثم قال النووي : واختلف أصحاب مالك ، فيما لو حلق رأس الأمة ، أو لحية العبد. واحتج بحديث ابن عمرو بن العاص ، في الذي جب عبده ، فأعتقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم . انتهى .

                                                                                                                              قلت : الأحاديث تدل ، على أن المثلة : من أسباب العتق . وقد اختلف: هل يقع العتق بمجردها أم لا؟

                                                                                                                              فحكي عن علي : أنه لا يعتق بمجردها . بل يؤمر السيد بالعتق .

                                                                                                                              فإن تمرد ، فالحاكم .

                                                                                                                              وقال مالك ، والليث ، وداود ، والأوزاعي : بل يعتق بمجردها .

                                                                                                                              وعن الأكثرين : أن من مثل بعبد غيره ، لم يعتق . وعن الأوزاعي :

                                                                                                                              أنه يعتق ، ويضمن القيمة للمالك . والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية