الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4525 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي، في (الباب المتقدم).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي، ص 36 ج16، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: . قال لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يا جرير! ألا تريحني من ذي الخلصة؟" -بيت لخثعم، كان يدعى: كعبة اليمانية- قال: فنفرت في خمسين ومائة فرس. وكنت لا أثبت على الخيل، فذكرت ذلك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ فضرب يده في صدري؛ فقال: "اللهم! ثبته، واجعله هاديا مهديا".

                                                                                                                              قال: فانطلق، فحرقها بالنار. ثم بعث جرير إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، رجلا يبشره، يكنى: "أبا أرطاة" منا. فأتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما جئتك حتى تركناها كأنها جمل أجرب، فبرك رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على خيل "أحمس" ورجالها خمس مرات).


                                                                                                                              [ ص: 636 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 636 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن جرير، رضي الله عنه) قال: قال لي رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: يا جرير! ألا تريحني) من الإراحة (من ذي الخلصة) بالخاء واللام والصاد المفتوحات، هذا هو المشهور.

                                                                                                                              وحكى عياض أيضا: ضم الخاء، مع فتح اللام. وأيضا: فتح الخاء وسكون اللام (بيت لخثعم) قبيلة من اليمن. وكان فيه أصنام يعبدونها (كان يدعى: كعبة اليمانية) بتخفيف الياء. وحكي تشديدها.

                                                                                                                              وهو هكذا في جميع النسخ؛ من إضافة الموصوف إلى صفته. وأجازه الكوفيون. وقدر البصريون فيه حذفا، أي: كعبة الجهة اليمانية. ويقال له أيضا -كما في رواية البخاري-: "الكعبة الشامية".

                                                                                                                              قال عياض: ذكر "الشامية" غلط من الرواة. والصواب: حذفها. انتهى.

                                                                                                                              يعني: أن "الكعبة الشامية" هي التي بمكة المشرفة، ففرقوا بينهما بالوصف المميز، وأوله النووي، فراجع.

                                                                                                                              [ ص: 637 ]

                                                                                                                              (قال: فنفرت إليه) أي: خرجت للقتال. (في خمسين ومائة فارس. وكنت لا أثبت على الخيل، فذكرت ذلك لرسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، فضرب بيده في صدري، فقال: "اللهم! ثبته، واجعله هاديا مهديا". قال: فانطلق، فحرقها بالنار. ثم بعث جرير إلى رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، رجلا يبشره، يكنى: "أبا أرطاة" منا).

                                                                                                                              وفي بعض الروايات؛ "فجاء بشير جرير -أبو أرطاة- حصين بن ربيعة" هكذا هو في بعض النسخ: بالصاد. وفي أكثرها: "حسين" بالسين. وذكر عياض الوجهين. قال: والصواب: "الصاد" وهو الموجود في نسخة "ابن ماهان".

                                                                                                                              (فأتى رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم، فقال له: ما جئتك حتى تركناها كأنها جمل أجرب).

                                                                                                                              قال عياض: معناه: مطلي بالقطران؛ لما به من الجرب، فصار أسود لذلك، يعني: صارت سوداء من إحراقها.

                                                                                                                              وفيه: النكاية بآثار الباطل، والمبالغة في إزالته.

                                                                                                                              وفيه: استحباب إرسال البشير: بالفتوح ونحوها.

                                                                                                                              (فبرك رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: على خيل "أحمس" ورجالها: خمس مرات).

                                                                                                                              [ ص: 638 ]

                                                                                                                              "أحمس": بفتح الهمزة: "قبيلة جرير" وكان الفرسان المذكورون من قبيلته هذه، فدعا لها ولهم رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم.

                                                                                                                              وفيه: فضيلة ظاهرة لجرير، ولأحمس: "خيلها ورجالها" ويا لها من دعاء، وقع خمس مرات، وبلغ مبلغ الاستجابة.




                                                                                                                              الخدمات العلمية